تركت لهم الأحمر والأبيض والأصفر، والسرير والمنبر، والملك إلى المحشر؛ ففرح معاوية وظن أن كلامه يشتمل على قريش كلها، قال صدقت يا ابن صوحان إنّ ذلك لكذلك فعرف صعصعة ما أراد؛ فقال ليس لك ولا لقومك في ذلك إصدار ولا إيراد. بعدتم عن أنف المرعى، وعلوتم عن عذب الماء- قال ولم ذلك ويلك يا ابن صوحان! فقال الويل لأهل النار، ذلك لبني هاشم- قال قم! فأخرجوه- فقال صعصعة: الوعد بيني وبينك لا الوعيد من أراد المناجزة «١» يقبل المحاجزة- فقال معاوية: لشيء ما سوّده قومه ووددت أني من صلبه؛ ثم التفت إلى بني أمية فقال: هكذا فلتكن الرجال.
ومن ذلك ما روي أن سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل على معاوية وابنه يزيد إلى جانبه فقال له: ائتمنك أبي، واصطنعك حتّى بلّغك باصطناعه إياك المدى الذي لا يجارى، والغاية التي لا تسامى، فما جازيت أبي بآلائه حتّى قدّمت هذا عليّ، وجعلت له الأمر دوني. «وأومأ إلى يزيد» والله لأبي خير من أبيه وأمي خير من أمّه ولأنا خير منه! - فقال له معاوية: أمّا ما ذكرت يا ابن أخي من تواتر آلائكم عليّ، وتظاهر نعمائكم لديّ، فقد كان ذلك ووجب عليّ المكافأة والمجازاة، وكان من شكري إياه أن طلبت بدمه حتّى كابدت أهوال البلاء، وغشيت عساكر المنايا إلى أن شفيت حزازات الصدور وتجلّت تلك الأمور. ولست لنفسي باللائم في التشمير، ولا الزاري عليها في التقصير.
وذكرت أن أباك خير من أبي هذا- وأشار بيده إلى يزيد- فصدقت لعمر الله لعثمان خير من معاوية! أكرم كريما، وأفضل قديما، وأقرب إلى محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم رحما. وذكرت أن أمّك خير من أمه فلعمري إن امرأة من قريش خير من امرأة