من بني كلب. وذكرت أنك خير من يزيد فو الله يابن أخي ما يسرّني أن الغوطة عليها رجال مثل يزيد. فقال له يزيد «مه يا أمير المؤمنين! ابن أخيك استعمل الدالّة عليك، واستعتبك لنفسه، واستزاد منك فزده وأجمل له في ردّك، واحمل على نفسك، وولّه خراسان بشفاعتي وأعنه بمال يظهر به موروثه» فولّاه معاوية خراسان، وأجازه بمائة ألف درهم؛ فكان ذلك أعجب ما ظهر من حلم يزيد.
ومن ذلك ما يروى أن زيد بن منبه قدم على معاوية فشكا إليه دينا لزمه فأعطاه ستين ألف درهم، وكان عتبة بن أبي سفيان قد تزوّج ابنة يعلى أخي زيد بن منبّه، وهو يومئذ عامل بمصر- فقال له معاوية: الحق بصهرك «يعني عتبة» فقدم عليه مصر فقال: «إني سرت إليك شهرين أخوض فيهما المتالف:
ألبس أردية الليل مرّة وأخوض في لجج السراب أخرى، موقرا من حسن الظن بك، وهاربا من دهر قطم «١» ، ودين أزم، بعد غنى جدعنا به أنوف الحاسدين، فلم أجد إلا إليك مهربا وعليك معوّلا- فقال عتبة: مرحبا بك وأهلا! إن الدهر أعاركم غنى وخلطكم بنا، ثم استردّ وأخذ ما أمكنه أخذه، وقد أبقى لكم منا ما لا ضيقة معه وأنا رافع إليك يدي بيد الله» فأعطاه ستين ألفا كما أعطاه معاوية.
ومن ذلك ما يحكى أن عبد العزّى بن زرارة وفد على معاوية وهو سيد أهل الوبر، فلما أذن له وقف بين يديه وقال يا أمير المؤمنين! لم أزل أهزّ ذوائب الرجاء إليك، ولم أجد معوّلا إلا عليك، أمتطي الليل بعد النهار، وأسم المجاهل بالآثار، يقودني إليك أمل، ويسوقني إليك بلوى، والمجتهد يعذر، وإذ بلغتك فقط. فقال معاوية فاحطط عن راحلتك رحلها.
وخرج عبد العزّى هذا مع يزيد بن معاوية إلى الصائفة، وأبوه زرارة عند