وعلى ذلك جرى كثير من خلفاء الدولتين الأموية والعبّاسية، كما حكى العسكريّ في «الأوائل» أن أهل حمص وثبوا بعاملها فأخرجوه، ثم وثبوا بعده بعامل آخر، فأمر المتوكّل إبراهيم بن «١» العباس أن يكتب إليهم كتابا يحذّرهم فيه ويختصر، فكتب.
أما بعد، فإنّ أمير المؤمنين يرى من حقّ الله تعالى عليه فيما قوّم «٢» به من أود أو عدّل به من زيغ، أو لمّ به من شعث، ثلاثا يقدّم بعضهن أمام بعض، فأولاهن ما يستظهر به من عظة وحجّة، ثم ما يشفعه به من تحذير وتنبيه، ثم التي لا ينفع حسم الداء غيرها:(طويل)
أناة فإن لم تغن عقّب بعدها ... وعيد، فإن لم يجد؛ أجدت عزائمه!
وممن كان يكثر التمثّل بالشعر في المكاتبات من خلفاء بني العباس وتصدر إليه المكاتبات كذلك «الناصر لدين الله» حتّى يحكى أن الملك الأفضل، عليّ ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب دمشق حين تعصّب عليه أخوه الملك العزيز عثمان وعمّه الملك العادل أبو بكر، كتب إلى الناصر لدين الله يستجيشه عليهما كتابا يشير فيه إلى ما تعتقده الشّيعة من أنّ الحقّ في الخلافة كان لعليّ، وأن أبا بكر وعثمان رضي الله عنهما، تقدّما عليه، إذ كان الناصر يميل إلى التشيّع، وكتب فيه:(بسيط)
مولاي، إنّ أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد غصبا بالسّيف حقّ علي!