يضلّ هداه، ولا تحلّ قواه، ولا تخيب عواقبه، ولا تخفى مآثره ومناقبه، رأفة منه بالخلق، وصيانة لأهل الحقّ، وإمهالا في العهد، ورخصة في الاختصار دون الحدّ؛ ليقرّب فيئة المتأمل، ويسهّل رجعة المتحصل، وتسرع رفاهية المستبصر، ويخفّ اجتهاد المزاول المشمّر، وقد قال الله عزّ وجلّ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
«١» وهو المسؤول عمارة الإسلام بالسّلامة، والأنام بالاستقامة، والسلطان بالطّاعة، والملك ببخوع «٢» الجماعة، حتّى تزال الفتنة مهيضة «٣» الجناح، مريشة الاجتياح، فليلة الشّباة «٤» ، قليلة الأدوات، فتكون النفوس واحدة، والأيدي مترافدة؛ والمودّات صافية، والمآرب متكافية متضاهية، في الشكر الذي يذاد به عن النّفوس، ويحمى به حريم الدّين؛ ويرجى معه التأييد، ويبتغى بوسيلته المزيد، فقد قال الله- وقوله الحق-: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ «٥»
والله سميع مجيب. وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل! وقد علمت ما فرط من نوح بن نصر في السّهو، ونقم منه في الهفو، الذي ألهاه عن التقوى، وأنساه شيمة الرّقبى «٦» ، فعدل عن سنن القصد، وزاغ عنه على عمد، وحال عن آداب آبائه رحمهم الله وهم القدوة، وسجاياهم وبهم الأسوة، وما كان ينتمي به من الولاء، ويعتزي إليه من الوفاء، وصار أدنى معنى ممن يحسده على كرم الأصل، وينافسه في شرف المحل، ويدخل على عقله مدّخل النصيحة، ويطّلع بظاهرها على آرائه الصريحة، وكلّ ذلك إلحاد في أمير