الدولة وتاج الملّة- رحمة الله عليه- من سياستهم باديا، ثم أحسن باستخلاف عديله وسليله صمصام الدولة وشمس الملة ثانيا؛ إذ كان خيرة أمير المؤمنين وصفوته، وحسامه ومجنّه «١» ، والمورد المصدر عنه بالعهدين المستمرّين من أمير المؤمنين بالنص عليه، ومن الوالد رحمه الله بالوصيّة إليه. وإن هذه العقود المؤكّدة، والعهود المشدّدة، موجبة على الكافّة طاعة من حصلت له، أو استقرّت بوثائقها في يده، إذ لا يصحّ من حاكم حكم، ولا من عاقد عقد، ولا من وال إقامة حدّ، ولا من مسلم تأدية فرض حتّى يكون ذلك مبنيّا على هذا الأصل، ومدارا على هذا القطب، وإن كان خارج عنهما وراض بخلافهما، خرج من دينه، أثم بربه، بريء من عصمته، وأنتم من بين الرعية فقد خصصتم سالفا بحسن النظر لكم، وعرفت الطاعة الحسنة منكم، فتقابلت النعمة والشّكر، تقابلا طاب به الذّكر، وانتظم به الأمر. ثم حدثت الهفوة المعترضة قبيل، فكان أمير المؤمنين موجبا للمعاقبة الموجبة على الجاهل الموضع في الفتنة، والمعاتبة الممضّة على الحكيم منكم القاعد عن النّصرة، إلى أن وردت كتب أستاد هرمز «٢» بن الحسن، حاجب صمصام «٣» الدولة، باستمراركم على كلمة سواء، في نصرة الأولياء، والمحاماة دونهم، ومدافعة الأعداء والمراماة لهم. فوقع ذلك من أمير المؤمنين أحسن مواقعه، ونزل لديه ألطف منازله، وأوجب لكم به رضاه المقترن برضا الله سبحانه، الموجب للقربة والزّلفى «٤» عنده، وأمير المؤمنين يأمركم بالدوام على ما أنتم، والثبات على ما استأنفتم،