والأمور- بحمد الله- ساكنة، والبلاد- والمنة لله- آمنة، والرّعايا في مكانها قاطنة، والسيوف في أغمادها مثل النّيران في قلوب حسّادها كامنة، وأقام أهل الطاعة بالفرض واستوفى بهم القرض، وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض، وأعزّ أنصار المقام الشريف العالي وأعزّ نصره، وأعدّ لعدوّه حصره، وأتى بدولته الغراء تسمو شموسها، وتثمر غروسها، وتظهر في حلل الصباح المشرق عروسها وتجيء منه بخير راع للرعية يسوسها، وبشّره بالملك والدّوام وسرّه بما اجتمع له من طاعة الأنام، وأقدمه على كرسيّ ملكه تظلّه الغمام، وأراه يوم أعدائه وكان لا يظنّ أن يرى في المنام، ولا يزال مؤيّد الهمم، مؤكّد الذّمم، مجدّد البيعة على رقاب الأمم، ولا برحت أيامه المقبلة مقبلة بالنّعم، خضر الأكناف على رغم من كاد وغيظ من رغم؛ ولا فتئت عهود سلفه الشريفة تنشأ له كما كانت، ورعاياه تدين له بما دانت، وجنوده تفدّيه من النفوس بأعزّ ما ذخرت وما صانت، وسعادة سلطانه تكشف الغمم وتنشر الذّمم وتعيد إلى أنوف أهل الأنفة الشّمم، وتحفظ ما بقي لأوليائه من بياض الوجوه وسواد اللّمم.
سطّرها وأصدرها وقد حقّقت بعوائد الله الظّنون، وصدّقت الخواطر العيون، وأنجز الله وعده، وأتمّ سعده، وجمع على مقامه الكريم قلوب أوليائه، وفرّق فرق عدوّه وأباته بدائه، ووطّد لرقيّه المنابر، ورجّل لترقّيه العساكر، وهيّأ لمقاتل أعدائه في أيدي أوليائه السّيوف البواتر. وأخذ قوصون وأمسك ونهب ماله واستهلك، وهدمت أبنيته وهدّت أفنيته، وخرّبت دياره وقلعت آثاره، وأخليت خزائنه وأخرجت من بطون الأرض دفائنه، وما مانعت عنه تلك الربائب التي ظنّها قساور ولا ناضلت تلك القسيّ التي طبعها أساور، ولا أغنى عنه ذلك المال الذي ذهب، ولا ذلك الجوهر الذي كان عرضا لمن نهب. وأعيد إلى المهد ذلك الطفل الذي أكل الدّنيا باسمه، وقهر أبناءها بحكمه، وموّه به على الناس وأخلى له الغاب وما خرج من الكناس، وغالب به الغلب حتّى وطيء الرّقاب وداس الأعقاب، وخادع ودلّه الشيطان بغروره ودلّس عليه عاقبة أموره، فاعتدّ