«من عبد الله ووليّه عبد المجيد أبي الميمون الإمام الحافظ لدين الله أمير المؤمنين، إلى الملك بجزيرة صقلّيّة، وأنكورية وأنطالية وقلّورية وسترلو وملف وما انضاف إلى ذلك، وفّقه الله في مقاصده! وأرشده إلى العمل بطاعته في مصادره وموارده.
سلام على من اتّبع الهدى، وأمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ويسأله أن يصلّي على جدّه محمد خاتم النبيّين، وسيد المرسلين، صلّى الله عليه وعلى آله الطاهرين، الأئمة المهديّين، وسلّم تسليما.
أما بعد، فإنه عرض بحضرة أمير المؤمنين الكتاب الواصل من جهتك، ففضّ ختامه واجتلي، وقريء مضمونه وتلي، ووقعت الإصاخة إلى فصوله، وحصلت الإحاطة بجمله وتفاصيله. والإجابة تأتي على أجمعه، ولا تخلّ بشيء من مستودعه، أما ما افتتحته به من حمد الله تعالى على نعمه، وتوسيعك القول فيما أولاك من إحسانه وكرمه، فإنّ مواهب الله تعالى ومننه التي جعل تواليها اختبار شكر العبد وامتحانه على أنه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور عليم، وهو القائل فيمن أثنى عليهم: أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ
«١» لا يزال مضاعفها ومرادفها، ومتبعا سالفها آنفها، وهو يوليها كلّا من عبيده بقدر منزلته عنده، ويخصّ أصفياءه بأوفى مما تمنّاه الآمل المبالغ وودّه. والله تبارك وتعالى يمنح أمير المؤمنين، وآباءه الأئمة الراشدين، ما غدت مستقدمات الحمد والشكر عند لوازمه مستأخرة، إذ كان أفردهم دون الخليقة بأن أعطاهم الدنيا ثم أعطاهم معها الآخرة، واختصّهم من حبائه «٢» بما لا يحصيه عدد، وخوّلهم من آلائه بما لا يقوم بشكره أحد.