للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما ذكرته من افتتاحك الجزيرة المعروفة بجربة «١» لما شرحته من عدوان أهلها، وعدولهم عن طرق الخيرات وسبلها، واجترائهم في الطّغيان على أسباب لا يجوز التغافل عن مثلها، واستعمالهم الظّلم تمرّدا، وتماديهم في الغيّ تباهيا في الباطل وغلوّا، يأسا من الجزاء لمّا استبطأوه، فإنّ من كانت هذه حالته حقيق أن تكون الرحمة عنه نائية، وخليق أن يأخذه الله من مأمنه أخذة رابية، كما أنه من كان من أهل السلامة، وسالكا سبيل الاستقامة؛ ومقبلا على صلاح شانه، وغير متعدّ للواجب في سرّه وإعلانه؛ تعيّن أن نوفّر من الرعاية سهمه، ونجزل من العناية نصيبه وقسمه، ويؤمّن مما يقلقه ويزعجه، ويقصد بما يسرّه ويبهجه، ويصان عن أن يناله مكروه، ويحمى من أذى يلمّ به ويعروه.

وأما شكرك لوزيرك الأمير تأييد الدولة وعضدها عزّ الملك وفخره نظام الرّياسة، أمير الأمراء، فإنّ من تهذّب بتهذيبك، وتخلّق بأخلاقك وتأدّب بتأديبك، لا ينكر منه إصابة المرامي، ولا يستغرب عنده نجح المساعي.

وواجب عليه أن لا يجعل قلبه إلا مثوى للنصائح، وأن لا يزال عمره بين غاد في المخالصة ورائح.

وأما المركب العروس ووصول كتاب وكيله ذاكرا ما اعتمده مقدّم أسطولك من صونه وحمايته، وحفظه ورعايته، وإعادة ما كان أخذ منه قبل المعرفة بأنه جار في الديوان الخاص الحافظي، ففعل يجمل عنك صدره، ويليق بك أن ينسب إليك ذكره وخبره، ويدلّ على علم أصحابك برأيك وإحكام معاقدة المودّة، ويعرب عن إيثارك إبرازها كلّما تقادم عهدها في ملابس بهجة مستجدّة، وهذا الفعل من خلائقك الرضية غير مستبدع، وقد ذخرت منه عند أمير المؤمنين ما حصل في أعز مقرّ وأكرم مستودع. لا جرم «٢» أن أوامره خرجت إلى مقدّمي

<<  <  ج: ص:  >  >>