أساطيله المظفّرة بما يجنيك ثمرة ما غرسته، ويعلي منار ثنائك الذي قرّرته على أقوى أصل وأسّسته، وقد نفذت مراسيمه بإجرائك على غلاتك المستمرّة في المسامحة بما وجب للديوان عما وصل برسمك على مراكبك، وبرسم الأمير تأييد الدولة وزيرك، والرسولين الواردين عن حق الورود إلى ثغر الإسكندرية حماه الله تعالى، ثم إلى مصر حرسها الله وحقّ الصدور عنهما، وكلّ ما يصل من جهتك فعلى هذه القضية.
وأما شكرك على الأسرى الذين أمر أمير المؤمنين بإطلاقهم إجابة لرغبتك، ورسم بتسييرهم إليك محافظة على مرادك وبغيتك، فأوزعنا شعارهم أنهم عتقاء شفاعتك، وأرقّاء منّتك، فذلك من الدلائل على ما ينطوي عليه من جميل الرأي وكريم النّية، ومن الشواهد بأنه يوجب لك ما لا يوجبه لأحد من ملوك النّصرانية،.
وأما سؤالك الآن في إطلاق من تجدّد أسره، وإنهاؤك أنّ ذلك مما يهمّك أمره، فقد شفّعك أمير المؤمنين بالإجابة إليك على ما ألف من كريم شيمته، وسيّر إليك مع رسولك من تضمّن الثبت ذكر عدّته، وقد علمت ما كان من أمر بهرام ووصوله إلى الدولة الفاطمية خلّد الله ملكها شريدا طريدا، قد نبت به أوطانه، وقذفته دياره، لا مال له ولا حال، ولا عشيرة ولا رجال، فقبلته أحسن قبول، وبلغت به في الإحسان ما يزيد على السّول، وغمرته من الإنعام ما يقصر عن اقتراحه كلّ أمل، وجعلته فواضلها يقلّب الطّرف بين الخيل والخول. وكانت أموره كلّ يوم في نموّ وزيادة، وأحواله توفي على البغية والإرادة، إلى أن جرت نوبة اقتضى التدبير في وقتها أن عدقت به الوزارة، ونيطت به السّفارة، فوسوس له خاطره ما زخرفه البطر وزيّنه، وصوّره الشيطان وحسّنه، وأظهر ما ظهرت أماراته، ووضحت أدلّته وعلاماته، فاستدعى قبيله وأسرته، وجنسه وعشيرته، بمكاتبات منه سرّيّة، وخطوط عثر عليها بالأرمنية، فكانوا يصلون أوّل أوّل، إلى أن اجتمع منهم عشرون ألف رجل من فارس وراجل، ومن جملتهم ابنا أخيه