أغرق «١» سفن الموصل وعروبها «٢» ، وأحرق جسرها «٣» واستذمّ «٤» إلى أهلها، وتزوّد منهم اللعن المطيف به أين يمّم، الكائن معه حيث خيّم.
ودخلتها يومي هذا- أيّد الله أمير المؤمنين- دخول الغانم الظافر، المستعلي الظاهر، فسكّنت نفوس سكّانها، وشرحت صدور قطّانها، وأعلمتهم ما أمرني به أمير المؤمنين-[أدام الله عزّه]«٥» وأعلى الله أمره- من تأنيس وحشتهم، ونظم ألفتهم، وضمّ نشرهم، ولمّ شعثهم، وإجمال السّيرة فيهم في ضروب معاملاتهم وعلقهم، وصنوف متصرّفاتهم ومعايشهم، فكثر منهم الثناء والدعاء، والله سامع ما رفعوا، ومجيب ما سألوا.
وأجلت حال هذا الجاهل- أيّد الله أمير المؤمنين- عن أقبح هزيمة، وأذلّ هضيمة، وأسوإ رأي، وأنكر اختيار؛ لأنه لم يلقني لقاء الباخع بالطاعة، المعتذر من سالف التفريط والإضاعة، ولا لقاء المصدّق لدعواه في الاستقلال بالمقارعة، المحقّق لزعمه في الثبات للمدافعة، ولا كان في هذين الأمرين بالبرّ التّقيّ، ولا الفاجر الغويّ «٦» ، بل جمع بين نقيصة شقاقه وغدره، وفضيحة جبنه وخوره، متنكّبا «٧» للصّلاح، عادلا عن الصّواب، قد ذهب عنه الرّشاد، وضربت بينه وبينه الأسداد، وأنزله الله منزلة مثله ممّن أساء حفظ الوديعة، وجوار الصّنيعة، واستوجب نزعهما منه وتحويلهما عنه.
وتأمّلت- أيّد الله مولانا أمير المؤمنين- أمره بالتّجريب، وتصفّحته على