آبقا، وظفروا يقظة بما لم يصدّقوا أنهم يظفرون به طيفا على النأي طارقا، واستقرّت على الأعلى أقدامهم، وخفقت على الأقصى أعلامهم، وتلاقت على الصّخرة قبلهم، وشفيت بها وإن كانت صخرة كما تشفى بالماء غللهم.
ولما قدم الدين عليها عرف منها سويداء قلبه، وهنّأ كفؤها الحجر الأسود ببتّ «١» عصمتها من الكافر بحربه، وكان الخادم لا يسعى سعيه إلا لهذه العظمى، ولا يقاسي تلك البؤسى إلا رجاء هذه النّعمى، ولا يناجز من استمطله «٢» في حربه، ولا يعاتب بأطراف القنا من تمادى «٣» في عتبه، إلا لتكون الكلمة مجموعة، والدعوة «٤» إلى سامعها مرفوعة، فتكون كلمة الله هي العليا، وليفوز بجوهر الآخرة لا بالعرض الأدنى من الدنيا، وكانت الألسنة «٥» ربما سلقته فأنضج قلوبها بالاحتقار، وكانت الخواطر ربّما غلت عليه مراجلها فأطفأها بالاحتمال والاصطبار، ومن طلب خطيرا خاطر، ومن رام صفقة رايحة تجاسر «٦» ، ومن سما لأن يجلّي غمرة غامر، وإلا فإنّ القعود يلين تحت نيوب الأعداء المعاجم فتعضّها «٧» ، ويضعف في أيديها مهر القوائم فتقضّها «٨» ، هذا إلى كون القعود لا يقضي فرض الله في الجهاد، ولا يرعى به حقّ الله «٩» في العباد، ولا يوفى به واجب التقليد الذي تطوّقه «١٠» الخادم من أئمة قضوا بالحقّ