للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المملوك ممن عطّل من أوثانهم، وأبطل من أديانهم، فائزا بحسنة ينظر إلى حسنات خليل الله صلّى الله عليه وسلّم في كيده الأصنام وتكسيرها، وتضليله عابديها وتكفيرها. وعمد المملوك إلى المحاضر فجمعها، وإلى المنابر فرفعها، والجمعة فأطاع من شرعها، وأسماء صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوصلها باسمه وما قطعها، وعمومته رضوان الله عليهم فتلاها له واتّبعها، وأشاد باسم أمير المؤمنين لتكون الصلاة جامعه، والذّكرى شاملة والإمامة للجماعة شارعه، والهداية للضّلالة صارعه، فعادت للملّة أعياد، واخضرّت للمنبر أعواد، وأنجز للأمّة ميعاد.

وبعد ذلك تحاشدت أولياء الذاهبين وتنادت، وتساعت نحو مستقرّ المملوك وتعادت وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ

«١» وكانوا حميّة حاميّة من بني حام كالجراد أرجلا، إلا أنّ الله أصلاها بنيرانه، وكالماء مدّا إلا أنّ الله أغرقها بطوفانه، وكالنمل لونا وطرقا إلا أنّ الله حطمها بسليمانه «٢» ، مع من انضمّ إليهم من ألفاف وأطراف، وأوشاب وأوباش، من جنديّ كسبه سيفه ذلّه، وطرده عن مواقف الكرام وبمحالّ الخزي أحلّه، ومن أرمنيّ كانوا يفزعون إلى نصرة نصرانيّته، ويعتمدون منه على ابن معموديّته، ومن عامّيّ أجابهم لفرط عماه وتفريط عامّيّته، فملأ العيون سوادهم الأعظم، ووراءهم بأس الله الذي لا يردّ عمن أجرم، فأمطرتهم السيوف مطرا كانوا غثاء «٣» لسيوله الجوارف، وعصفت بهم الأعنّة عصفا كانوا هباء لهوجه

<<  <  ج: ص:  >  >>