«٢» . وظلّت قحاف «٣» بني حام تحت غربان الفلا غربانا، وشوهدت ظلمات بعضها فوق بعض أفعالا وألوانا، وصفت موارد السلطان من القذى، وطفيء ذلك الفحم فلا يجد النّفاق بعده ما تتعلق به الجذى «٤» ، وبلغت الغايات في كشف كلّ أذى، لا بضرب بموعد يقال فيه إذا.
وكاتب المملوك، واسم أمير المؤمنين قد كتب سطره على جبين النقدين، وسمع لفظه من فم المنبرين بالبلدين، ومدّ كلّ منبر يدا بل يدين، فحين سمع الناس قالوا حقّا ما قاله ذو اليدين، وصارت تلك الأسماء دبر الآذان ووراء الظّهور، وحصّلت المحبّة العباسية سرّا من أسرار القلوب إذا حصّل ما في الصّدور، والخلائق مبايعة متابعة وافية بعهده متوافية، داخلون في الحق أفواجا، سالكون منه شرعة ومنهاجا.
والحمد لله الذي جعل أمير المؤمنين إماما لخلقه، ووارثا لأرضه ولم يذر فوق الأرض منازعا لحقّه، ولا مناهبا لأرضه، وارتجع له الحقّ الذي كان نادّا، وردّ عليه الأمر الذي لم يكن له غير الله رادّا، وبلّغ كلّ مؤمن من إعلاء كلمة الإيمان به ما كان له وادّا، وأخذ بيد انتقامه من كان عن سبيله صادّا، والإسلام قد استنار كنشأته، والزمان قد استدار كهيئته، والحقّ قد قرّ في نصابه، والأمر قد فرّ عن صوابه، فقد وفي الله القرار له بضمانه، وأخذ بيده ما روى عن ابن عمه صلّى الله عليه وسلّم وأصفى من لسانه.