للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخميس الأوّل فتحت طبريّة وفاض ريّ النصر من بحيرتها، وقضت على جسرها الفرنج فقضت نحبها بحيرتها. وفي يوم الجمعة والسبت كسر الفرنج الكسرة التي مالهم بعدها قائمة، وأخذ الله أعداءه بأيدي أوليائه أخذ القرى وهي ظالمة. وفي يوم الخميس منسلخ الشهر فتحت عكّا بالأمان، ورفعت بها أعلام الإيمان؛ وهي أمّ البلاد، وأخت إرم ذات العماد، وقد أصبحت كأن لم تغن بالكفر وكأن لم تفتقر من الإسلام.

وقد أصدر هذه المطالعة وصليب الصّلبوت مأسور، وقلب ملك الكفر الأسير جيشه المكسور مكسور، والحديد الكافر الذي كان في الكفر يضرب وجه الإسلام، قد صار حديدا مسلما يفرّق خطوات الكفر عن الأقدام، وأنصار الصليب وكباره، وكلّ من المعمودية عمدته والدّير داره، قد أحاطت به يد القبضة، وأخذ رهنا فلا تقبل فيه القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة، وطبريّة قد رفعت أعلام الإسلام عليها، ونكصت من عكّا ملّة الكفر على عقبيها، وعمّرت إلى أن شهدت يوم الإسلام وهو خير يوميها؛ بل ليس من أيام الكفر يوم فيه خير، وقد غسل عن بلاد الإسلام بدماء الشّرك ما كان يتخلّلها فلا ضرر ولاضير، وقد صارت البيع «١» مساجدهم بها من آمن بالله واليوم الآخر، وصارت المناحر مواقف لخطباء المنابر، واهتزت أرضها لوقوف المسلمين فيها وطالما ارتجّت لمواقف الكافر، والبأس الإماميّ الناصريّ قد أمضى مشكاته «٢» على يد الخادم حتّى بالدّنيّ في الكنائس، وإنّ عزّ أوّل الإسلام بحطّ تاج فارس، فكم حطّت سيوفه في هذا اليوم من تاج فارس! فأما القتلى والأسارى «٣» فإنها تزيد على ثلاثين ألفا.

وأما فرسان الديوية والاستبارية فقد أمضى الله حكمه فيهم وقطع بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>