للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الحسرة بمقدارها على تركه تجبر، وأنّ الأعمار أحلام، وأنّ الناس نيام، وربّما رحل الراحل عن الخان، وقد جلّله بالأذى والدّخان، أو ترك به طيبا، وثناء يقوم بعده للآتي خطيبا، فجعلنا العدل في الأمور ملاكا، والتفقّد للثّغور مسواكا، وضجيع المهاد، حديث الجهاد، وأحكامه مناط الاجتهاد، وقوله:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ

«١» من حجج الاستشهاد، وبادرنا من الحصون المضاعة وجنح التّقيّة دامس، وساكنها بائس، والأعصم في شعفاتها من العصمة يائس، فزيّنّا ببيض الشّرفات ثناياها، وأفعمنا بالعذب الفرات ركاياها، وغشّينا بالصّفيح المضاعف أبوابها، واحتسبنا عند موفّي الأجور ثوابها، وبيّضنا بناصع الكلس أثوابها، فهي اليوم توهم حسّ العيان، أنها قطع من بيض العنان، تكاد تناول قرص البدر بالبنان، متكفّلة للمؤمن من فزع الدنيا والآخرة بالأمان، وأقرضنا الله قرضا، وأوسعنا مدوّنة الجيش عرضا، وفرضنا إنصافه مع الأهلة فرضا، واستندنا من التوكّل على الله الغنيّ الحميد إلى ظلّ لواء، ونبذنا إلى الطاغية عهده على سواء، وقلنا: ربّنا أنت العزيز وكلّ جبّار لعزّك ذليل، وحزبك هو الكثير وما سواه فقليل [أنت الكافي، ووعدك الوعد الوافي، فأفض علينا مدارع الصابرين «٢» ] واكتبنا من الفائزين بحظوظ رضاك الظافرين، وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

فتحرّكنا أولى الحركات، وفاتحة مصحف البركات، في خفّ من الحشود، واقتصار على ما بحضرتنا من العساكر المظفّرة والجنود، إلى حصن «٣» آش البازي المطل، وركاب العدوّ الضالّ المضل، ومهدي نفثات الصّلّ «٤» ،

<<  <  ج: ص:  >  >>