الهوادي والأكفال، وكان إلى غزو مدينة جيّان «١» الاحتفال، قدنا إليها الجرد تلاعب الظّلال نشاطا، والأبطال تقتحم الأخطار رضا بما عند الله واغتباطا، والمهنّدة الزّرق تسبق إلى الرقاب استلالا واختراطا، والرّدينيّة «٢» السّمر تسترط حياة النفوس استراطا، وأزحنا العلل عمّن أراد جهادا منجيا غباره من دخان جهنّم ورباطا، ونادينا الجهاد الجهاد، يا أمة الجهاد، راية النبيّ الهاد، الجنّة الجنة تحت ظلال السيوف الحداد، فهزّ النداء إلى الله تعالى كلّ عامر وغامر، وأتمر الجمّ من دعوة الحقّ إلى أمر آمر، وأتى الناس من الفجوج العميقة رجالا وعلى كلّ ضامر، وكاثرت الرايات أزهار البطاح لونا وعدّا، وسدّت الحشود مسالك الطريق العريضة سدّا، ومدّ بحرها الزاخر مدّا، فلا يجد لها الناظر ولا المناظر حدّا.
وهذه المدينة هي الأمّ الولود، والجنة التي في النار لسكّانها من الكفّار الخلود، وكرسيّ الملك ومجنبته الوسطى من الممالك باءت بالمزايا العديدة ونجحت، وعند الوزان بغيرها من أمّات البلدان رجحت، غاب الأسود، وجحر الحيّات السّود، ومنصب التماثيل الهائلة، ومعلق النواقيس الصائلة.
وأدنينا إليها المراحل، وعيّنّا لتجّار المحلات المستقلات منها الساحل، ولما أكثبنا جوارها، وكدنا نلمح نارها، تحرّكنا ووشاح الأفق المرقوم؛ بزهر النجوم، قد دار دائره، والليل من خوف الصّباح، على سرحه المستباح، قد شابت غدائره، والنّسر يرفرف باليمن طائره، والسّماك الرامح يثأر ثغر الإسلام ثائره، والنعائم راعدة فرائص الجسد، من خوف الأسد، والقوس يرسل سهم السعادة، بوتر العادة، إلى أهداف النّعم المعادة، والجوزاء عابرة نهر المجرّه،