والزّهرة تغار من الشّعرى العبور بالضّرّة، وعطارد يسدي في حيل الحروب على البلد المحروب ويلحم، ويناظر على أشكالها الهندسيّة فيفحم، والأحمر يبهر، والعلم الأبيض يفري وينهر، والمشتري يبديء في فضل الجهاد ويعيد، ويزاحم في الخلفات على ما للسعادة من الصفات ويزيد، وزحل على الطالع منزحل، وعن العاشر مرتحل، وفي زلق السّقوط وحل، والبدر يطارح حجر المنجنيق، كيف يهوي إلى النّيق، ومطلع الشمس يرقب، وجدار الأفق يكاد بالعيون عنها ينقب.
ولمّا فشا سرّ الصّباح، واهتزّت أعطاف الرايات لتحيّات مبشّرات الرّياح، أطللنا عليها إطلال الأسود على الفرائس، والفحول على العرائس، فنظرنا منظرا يروع بأسا ومنعه، ويروق وضعا وصنعه، تلفّعت معاقله الشمّ للسّحاب ببرود، ووردت من غدير المزن في برود، وأسرعت لاختطاف أزهار النّجوم، والذراع بين النطاق معاصم رود، وبلدا يعيي الماسح والذارع، وينتظم المحاني والأجارع، فقلنا: اللهم نفّله أيدي عبادك، وأرنا فيه آية من آيات جهادك، فنزلنا بساحتها العريضة المتون، نزول الغيث الهتون «١» ، وتيمّنّا من فحصها الأفيح بسورة التّين والزيتون، متربة من أمان الرحمان للبلد المفتون، وأعجلنا الناس بحميّة نفوسهم النّفيسه، وسجيّة شجاعتهم البئيسه، عن أن نبوّيء للقتال المقاعد، وندني بإسماع شهير النّفير منهم الأباعد؛ وقبل أن يلتقي الخديم بالمخدوم، ويركع المنجنيق ركعتي القدوم، فدفعوا من أصحر إليهم من الفرسان، وسبق إلى حومة الميدان، حتّى أجحروهم في البلد، وسلبوهم لباس الجلد، في موقف يذهل الوالد عن الولد، صارت السّهام فيه غماما، وطارت كأسراب الحمام تهدي حماما، وأضحت القنا قصدا، بعد أن كانت شهابا رصدا، وماج بحر القتام بأمواج النّصول، وأخذ الأرض الرّجفان لزلزال الصّياح الموصول، فلا ترى إلا شهيدا تظلّل مصرعه الحور، وصريعا تقذف به إلى