للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساحل أمواج تلك البحور، ونواشب تبأى بها الوجوه الوجيهة عند الله والنّحور، فالمقضب فوده يخضب، والأسمر غصنه يستثمر، والمغفر حماه يخفر، وظهور القسيّ تقصم، وعصم الجند الكوافر تفصم، وورق اليلب في المنقلب يسقط، والبتّر تكتب والسّمر تنقط؛ فاقتحم الرّبض الأعظم لحينه، وأظهر الله لعيون المبصرين والمستبصرين عزّة دينه، وتبرّأ الشيطان من خدينه «١» ، ونهب الكفّار وخذلوا، وبكلّ مرصد جدّلوا، ثم دخل البلد بعده غلابا، وجلّل قتلا واستلابا. فلا تسل، إلا الظّبى والأسل، عن قيام ساعته، وهول يومها وشناعته، وتخريب المبائت والمباني، وغنى الأيدي من خزائن تلك المغاني، ونقل الوجود الأوّل إلى الوجود الثاني، وتخارق السيف فجاء بغير المعتاد، ونهلت القنا الرّدينيّة من الدماء حتّى كادت تورق كالأغصان المغترسة والأوتاد، وهمت أفلاك القسيّ «٢» وسحّت، وأرنّت حتّى بحّت، ونفدت موادّها فشحّت بما ألحّت، وسدّت المسالك جثث القتلى فمنعت العابر، واستأصل الله من عدوّه الشأفة «٣» وقطع الدابر، وأزلف الشهيد وأحسب الصابر، وسبقت رسل الفتح الذي لم يسمع بمثله في الزمن الغابر، تنقل البشرى من أفواه المحابر، إلى آذان المنابر.

أقمنا بها أيّاما نعقر الأشجار، ونستأصل بالتخريب الوجار «٤» ، ولسان الانتقام، من عبدة الأصنام، ينادي يالثارات الإسكندرية تشفّيا من الفجّار، ورعيا لحقّ الجار، وقفلنا وأجنحة الرايات، برياح العنايات خافقه، وأوفاق التوفيق الناشئة من خطوط الطريق موافقه، وأسواق العزّ بالله نافقه، وحملاء الرفق مصاحبة- والحمد لله- مرافقه، وقد ضاقت ذروع الجبال، عن أعناق

<<  <  ج: ص:  >  >>