المؤمنين أطال الله بقاءه، وسرت إلى هذا الموضع، واعتقادنا لا يجاوز حفظ الحدود والأطراف، وحياطة النهايات والأكناف، والأغلب علينا أنّ مولانا الملك- أدام الله تأييده- لا يتجاوز معي المعاتبة اللطيفة، والمخاطبة الجميلة، والاستدعاء منّي لما يسوغ له أن يطلبه ولي أن أبذله، من تعفية السالف، وإصلاح المستأنف، وتوفية للحق في رتبة لا أضنّ بها عليه، ولا أستكثر النّزول عنها له، وتقرير أصل بيننا يكون أيده الله به معقلا لي وموئلا، وأكون نائبا له ومظفّرا- إلى أن بدأ الأصحاب بالعيث في هذه البلاد، وألحّوا عليها بالغارات، واعتمدوها بالنّكايات، وكان هذا كالرّشاش الذي يؤذن بالانسكاب، والوميض الذي يوعد بالاضطرام- وأوجبت قبل المقابلة عليه والشّروع في مثله في حقّ مولانا الملك الجليل، الذي لا أدع أن أحفظ منه ما دعاني إلى إضاعته، وأتمسّك بما اضطّرّني إلى مفارقته، أن أقدّم أمام الالتقاء على الحرب التي هي سجال كما يعلم، إبلاغ نفسي عذرها، وإعطاء المقادة منها، داعيا له إلى طاعة الخالق والإمام، وصلة اللّحم والأرحام، وحقن الدماء والمهج، وتسكين الدّهماء والرّهج، وثني العنان عن المورد الذي لا يدري وارده كيف يصدر عنه، ولا يثق بالسّلامة منه، وتعريفي ما يريده منّي لأتّبعه ما لم يكن ثالما لي، وعائدا بالوهن عليّ، والله الشاهد على شهادة قد علم إخلاصي فيها، وسماحة ضميري بها، وأنني أكره أن أنال منه، كما أكره أن ينال مني، وأتألّم من أن أظهر عليه، كما أتألّم أن يظهر عليّ، وأحبّ أن يرجع عني وأرجع عنه؛ وقد التقت قلوبنا، وتألّف على الجميل شملنا، وطرفت أعين الأعادي عنا، وانحسمت مطامعهم فينا، فإن فعل ذلك فحقيق به الفضل، وهو لعمر الله له أهل، ولا عذر له في أن لا يفعله، وقد وسّع الله ماله، ووفّر حاله، وأغناه عمّا يلتمسه الصّعلوك، ويخاطر له السّبروت «١» ، وجعله في جانب الغنى والثّروة، والحزم والحيطة، وإن أبى فكتابي هذا حجّة عند الله الذي تستنزل منه المعونة وعند