وذكر شواهدها. ليكون كالشرح عليها. والبيان لما أجملته والتّتمّة لما لم يسقه الفكر إليها. فامتثلت أمره بالسمع والطاعة. ولم أتلكّأ وإن لم أكن من أهل هذه الصناعة. غير أن القريحة بذلك لم تسمح. وصار المقتضي يضعف والمانع يترجّح. لأعذار قد تشابه محكمها. وضرورات، إن لم يعلمها الخلق فالله يعلمها. إلى أن لاحت لي بوارق الفتح. وظهرت ولله الحمد آثار المنح.
فعند ذلك بلغت النفس أملها، وأضفت مواهب الامتنان حللها. وتلا لسان العناية على الغبيّ الحاسد ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها
«١» .
فشرعت في ذلك بعد أن استخرت الله تعالى «وما خاب من استخار» .
وراجعت أهل المشورة (وما ندم من استشار) مستوعبا من المصطلح ما اشتمل عليه «التعريف» و «التثقيف»«٢» . موضحا لما أبهماه بتبيين الأمثلة مع قرب المأخذ وحسن التأليف ومتبرعا بأمور زائدة على المصطلح الشريف لا يسع الكاتب جهلها. متنقّلا من توجيه المقاصد. وتبيين الشواهد، بما يعرف به فرع كل قضية وأصلها. آتيا من معالم الكتابة بكل معنى غريب.
ناقلا الناظر في هذا المصنّف عن رتبة أن يسأل فلا يجاب إلى رتبة أن يسأل فيجيب. منبهّا على ما يحتاج إليه الكاتب من الفنون، التي يخرج بمعرفتها عن عهدة الكتابة ودركها «٣» . ذاكرا من أحوال الممالك المكاتبة عن هذه المملكة ما يعرف به قدر كل مملكة وملكها. مبينا جهة قاعدتها، التي هي محل الملك شرقا أو غربا، أو جنوبا أو شمالا. معرفا الطريق الموصل إليها، برّا وبحرا، وانقطاعا واتصالا. ذاكرا مع كل قاعدة مشاهير بلدانها، إكمالا للتعريف. ضابطا لأسمائها بالحروف كي لا يدخلها التبديل والتحريف.