الكتب والرسل إلى عمّالنا في سائر أعمالنا، وعزمنا عليهم في جمع [كلّ من قبلهم وأتباعهم بما وفر الإيمان في إنفاذهم، وبذلنا في ذلك]«١» كلّ ممكن، وأخّرنا إجابتك عن كتابك ليتقدّم فعلنا قولنا، وإنجازنا وعدنا؛ ويوشك أن يكون قد ظهر لك من ذلك ما وقع أحسن الموقع منك إن شاء الله.
وأما ما ابتدأتنا به من المواصلة، واستشعرته لنا من المودّة والمحبة، فإنّ عندنا من مقابلة ذلك ما توجبه السياسة التي تجمعنا على اختلاف المذاهب، وتقتضيه نسبة الشرف الذي يؤلفنا على تباين النحل، فإن ذلك من الأسباب التي تخصّنا وإيّاك. ورأينا من تحقيق جميل ظنّك بنا إيناس رسلك وبسطهم، والاستماع منهم والإصغاء إليهم والإقبال عليهم؛ وتلقينا انبساطك إلينا، وإلطافك إيّانا بالقبول الذي يحقّ علينا، ليقع ذلك موقعه؛ وزدنا في توكيد ما اعتمدته ما حمّلناه رسلك في هذا الوقت على استقلالنا إيّاه من طرائف بلدنا وما يطرأ من البلاد علينا؛ وإن الله بعدله وحكمته أودع كلّ قرية صنفا ليتشوّف إليه من بعد عنه، فيكون ذلك سببا لعمارة الدنيا ومعايش أهلها. ونحن نفردك بما سلّمناه إلى رسولك لتقف عليه إن شاء الله.
وأما ما أنفذته للتجارة فقد أمكنّا أصحابك منه، وأذنّا لهم في البيع وفي ابتياع ما أرادوه واختاروه؛ لأنا وجدنا جميعه مما لا يحظره علينا دين ولا سياسة. وعندنا من بسطك وبسط من يرد من جهتك، والحرص على عمارة ما بدأتنا به ورعايته، وربّ «٢» ما غرسته، أفضل ما يكون عند مثلنا لمثلك. والله يعين على ما ننويه من جميل، ونعتقده من خير، وهو حسبنا ونعم والوكيل.
ومن ابتدأ بجميل لزمه الجري عليه والزيادة، ولا سيما إذا كان من أهله وخليقا به. وقد ابتدأتنا بالمؤانسة والمباسطة، وأنت حقيق بعمارة ما بيننا،