الملوك وجبريّة الجبّارين بنبوّة محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله أجمعين، وشفع نبوّته بالإمامة وحازها إلى العترة الطاهرة من العنصر الذي منه أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، والشجرة التي منها غصنه، وجعلها خالدة فيهم يتوارثها منهم كابر عن كابر، ويلقيها ماض إلى غابر؛ حتّى نجز أمر الله ووعده، وبهر نصره وكلمته، وأظهر حجته وأضاء عمود الدين بالأئمة المهتدين، وقطع دابر الكافرين ليحقّ الحقّ ويبطل الباطل ولو كره المشركون حتّى يرث الله الأرض ومن عليها وإليه يرجعون.
وإنّ أحقّ ملك أن يكون من عند الله، وأولاه وأخلقه أن يكنفه الله بحراسته وحياطته، ويحفّه بعزّه وأيده «١» ، ويجلّله بهاء السكينة في بهجة الكرامة، ويجمّله بالبقاء والنّجاء «٢» ما لاح فجر، وكرّ دهر، ملك إمامة عادلة خلفت نبوّة فجرت على رسمها وسننها، وارتسمت أمرها، وأقامت شرائعها، ودعت إلى سبلها، مستنصرة بأيدها، منتجزة لوعدها؛ وإنّ يوما واحدا من إمامة عادلة خير عند الله من عمر الدنيا تملّكا وجبريّة.
ونحن نسأل الله تعالى أن يديم نعمه علينا، وإحسانه إلينا بشرف الولاية، ثم بحسن العاقبة بما وفّر علينا فخره وعلاه، ومجده وإحسانه إن شاء الله، وبه الثقة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وأما الفداء ورأيك في تخليص الأسرى، فإنا وإن كنّا واثقين لمن في أيديكم بإحدى الحسنيين، وعلى بينة لهم من أمرهم، وثبات من حسن العاقبة وعظم المثوبة، عالمين بما لهم، فإن فيهم من يؤثر مكانه من ضنك الأسر وشدّة البأساء على نعيم الدنيا ولذّتها، سكونا إلى ما يتحقّقه من حسن المنقلب وجزيل الثواب. ويعلم أن الله قد أعاذه من أن يفتنه، ولم يعذه من أن يبتليه؛ وقد تبيّنّا مع ذلك في هذا الباب ما شرعه لنا الأئمة الماضون، والسلف الصالحون، فوجدنا ذلك موافقا لما آلتمسته، وغير خارج عما أحببته؛ فسررنا بما تيسّر منه، وبعثنا