الأعلام، بالإخبار به والإعلام. وبلغ [من]«١» صنع الله لنا وهو كاف من توكّل عليه، وفوّض الأمور إليه، أن لا طفنا النصر بحصون أربعة لم نوجف عليها ركابا «٢» ، ولا تملّكتها غلابا؛ فطهّرنا بيوت الله من دنس الأوثان، وعوّضنا النواقيس بكلمة الإيمان. والحمد لله على مواهب الامتنان، ومنه نستزيد عوائد الإحسان.
وهذه المجملات تحتمل شرحا، تسبح في بحره سنان الأقلام سبحا، من أوصاف مغانم شذّت عن الحصر، ومواقف لتنزّل السكينة وهبوب النّصر، وما ظهر من جدّ المسلمين في افتتاح تلك المعاقل المنيعة المنيفه، ومقارعة الجموع الكثيفة؛ وبركة الحرم الشريف في كل حال موجوده، وأقطار الإسلام بها مجوده، والوسائل إلى الله بأهله في القديم والحديث لا مخيّبة ولا مردوده؛ فهو الأصل، والغمد الذي سلّ منه النّصل؛ حتّى بلغ التخوم القاصية، وذلّل الممالك المتعاصية، وقاد من تقاعد أو تقاعس بالناصية.
وقد ظهر لنا أن نوجّه إلى المدينة المقدّسة صلوات الله على من بها وسلامه رسالة نعرّفه بهذه البركات الهامية من سماء عنايته المعدود خارقها آية من آياته، وكلّنا جناه، وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله بهداه؛ وأصحبناها أشخاصا من نواقيس الفرنج مما تأتّى حمله، وأمكن نقله؛ وما سواه فكانت جبالا، لا يقبل نقلها احتيالا؛ فتناول درعها «٣» المسخ والتكسير، وشفي بذهاب رسومها الاقامة والتكبير، والأذان الجهير؛ ومرادنا أن تعرض بمجتمع الوفود تذكرة تستدعي الإمداد بالدعاء، وتقتضي بتلك المعاهد النّصر على الأعداء؛ ثم تصحب ركاب الزّيارة، إلى أبواب النبوّة ومطالع الإنارة؛ وأنتم تعلمون في توفية هذه الأحوال ورعايتها، وإبلاغها إلى غايتها، ما يليق بحسبكم الوضّاح، ومجدكم الصّراح،