المشهور، تغني عن بسط مالها من الأمور؛ ففتحها الله على يدينا عنوة وجعلت مقاتلتها نهبا للسيوف الرّقاق، وسبيها ملكة للاسترقاق، وأهلّة مبانيها البيض دريئة «١» للمحاق، واستولت على جميعها أيدي الهدم والإحراق؛ ثم دكّت الأسوار، وعقرت الأشجار، واستخلف على خارجها النار، فهي اليوم صفصف ينشأ بها الاعتبار، وتعجب الأبصار.
وغزونا بعدها مدينة أبّدة «٢» أختها الكبرى، ولدتها ذات المحل الأسرى؛ وكانت أسوة لها في التدمير، والتّتبير «٣» والعفاء المبير.
ثم نازلنا مدينة قرطبة «٤» وهي أمّ هذه البلاد الكافرة، ودار النّعم الوافره، وذات المحاسن السافره؛ فكدنا نستبيح حماها المنيع، ونشتّت شملها الجميع، ونحتفل بفتحها الذي [هو للدين أجل]«٥» صنيع، لولا عوائق أمطار، وأجل منته إلى مقدار؛ فرحلنا عنها بعد انتهاك زلزل الطّود، ووعدناها العود؛ ونؤمّل من فضل الله إنفاذ البشرى بفتحها على بلاد الإسلام، ومتاحفة «٦» من بها من الملوك