تلك البقعة؛ وأنه سبحانه أخذ الطاغية أكمل ما كان اغترارا، وأعظم أنصارا؛ وزلزل أرض عزّه وقد أصابت قرارا؛ وأنّ شهاب سعده أصبح آفلا، وعلم كبره انقلب سافلا؛ وأن من بيده ملكوت السموات والأرض طرقه بحتفه، وأهلكه برغم أنفه؛ وأن محلّته عاجلها التّباب والتّبار «١» ، وعاثت في منازله النار، وتمخّض عن سوء عاقبته الليل والنّهار، وأن حماتها يخربون بيوتهم بأيديهم، وينادي بشتات الشّمل لسان مناديهم، وتلاحق بنا الفرسان من جبل الفتح: المعقل الذي عليه من عناية الله رواق مضروب، والرّباط الذي من حاربه فهو المحروب، فأخبرت بانفراج الضيّق، وارتفاع العائق لها عن الطّريق، وبرء الداء الذي أشرق بالرّيق.
وأن النصارى دمّرهم الله جدّت في ارتحالها، وأسرعت بجيفة طاغيتها إلى سوء مآلها، وسمحت [للسّهب]«٢» والنّهب والنار بأسلابها وأموالها؛ فبهرنا هذا الصّنع الإلهيّ الذي مهّد الأقطار بعد رجفانها، وأنام العيون بعد سهاد أجفانها، وسألنا الله أن يعيننا على شكر هذه النّعمة التي إن سلّطت عليها قوى البشر فضحتها ورجحتها، أو قيست بالنعم فضلتها؛ ورأينا سرّ اللطائف الخفيّة كيف سريانه في الوجود، وشاهدنا بالعيان أنوار اللطف الإلهيّ والجود، وقلنا إنما هو الفتح الأوّل شفع بثان، وقواعد الدين الحنيف أيّدت من صنع الله ببيان.
اللهم لك الحمد على نعمك الباطنة والظاهرة، ومننك الوافرة، أنت وليّنا في الدنيا والآخرة؛ وأمرنا للحين فقلّدت لبّات «٣» المنابر بهذا الخبر، وجلّيت في جماعات المسلمين وجوه هذا الفتح الرائق بالغرر؛ وعجّلنا تعريفكم به ساعة