للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى

«١» والله لا يخلف موعده؛ والديوان العزيز لا يكدّر مورده، ولا رفع عن أيدي الخلق يده، بل يجري عليها ما ضمّنه، ويمكّنها بما بسط لها في الأرض ومكّنه، ويرسل عليها سحائب رحمته، وينشيء منها ناشئة نعمته، ويوجّه إلى قلبها وجه كلّ أمل، ويفيض طوفانها فلا يكون به للغليل قبل، ولا يأوي إلى حصاة قلب «٢» فيعصمها ولو أنه جبل.

قلت: ولم أقف على مكاتبة عن أحد من ملوك الديار المصرية إلى أبواب الخلافة مذ صارت دار الخلافة بالديار المصرية. والظاهر أنه لم تجر مكاتبة عن السلطان إلى الخليفة، لأن الخليفة لا يكاد يفارق السلطان سفرا ولا حضرا مفارقة توجب المكاتبة إليه، كما أشار إليه صاحب «التثقيف» . وقد لوّح في «التعريف» إلى ذلك فقال: وأوّل ما نبدأ بما يكتب به إلى الأبواب الشريفة الخليفتية (كذا) زادها الله شرفا، جريا على قديم العادة، ورجاء لملاحظة السّعادة.

وهذه نسخة مكاتبة من هذا النوع مما كتب به القاضي الفاضل عن السلطان «صلاح الدين يوسف بن أيوب» رحمه الله إلى ديوان الخلافة ببغداد في أيام الناصر لدين الله بخبر ملك الألمان «٣» من الفرنجة والقتال معه، في جواب كتاب ورد عليه، يوضّح في هذا الموضع بيان هذا الأسلوب، ويغني عن مراجعة [كثير] من الأمثلة المذكورة في المكاتبات إلى الخلفاء على ما تقدّم، وهو:

أدام الله ظلّ الديوان العزيز النبويّ، الإماميّ، الشريف الناصريّ، ومدّه على الأمة ظليلا، وجعل الأنوار عليه دليلا، وحاطه بلطفه وتقبّل أعماله بقبول

<<  <  ج: ص:  >  >>