حسن وأنبتها، وأرغم أعداءه وكبتها، ومسّها بعذاب من عنده وسحتها؛ ولا زالت رايته السوداء بيضاء الخبر، محمرّة المخبر في العداة مسودّة الأثر.
ورد على الخادم ما كوتب به من الديوان العزيز رائدا في استخلاصه، مبرهنا عن اختصاصه، مطلقا في الشّكر للسانه، وفي الحرب لعنانه؛ ومقتضيا لأمنيّة كان يتهيّبها، ومفيضا لمكرمة لو سمت نفسه إليها كان يتهمها؛ فلله هو! من كتاب كأنّه سورة وكلّ آية منه سجدة، قابله بالخشوع كأنما قلم الكتاب القضيب وطرسه البردة «١» ؛ وتلاه على من قبله من الأولياء مسترفها به لعزائمهم، مستجزلا به لمغانمهم، مستثبتا به للازمهم، مستدعيا به الخدمة للوازمهم، مرهفا به ظباهم في القتال، فاسحا به خطاهم يوم النّزال؛ فأثّر فيه كالاقتداح في الزّند «٢» ؛ وكالانبجاس من الصّلد، وكالاستلال من الغمد؛ فشمّر من كان قد أسبل، وانتهى من كان قد أجبل «٣» ؛ وكأنّما أعطوا كتابا من الدّهر بالأمان، أو سمعوا مناديا ينادي للإيمان؛ وقالوا: سمعنا وأطعنا، وعلينا من الخدمة ما استطعنا؛ هذا مع كونهم أنضاء زحوف «٤» ، وأشلاء حتوف، وضرائب سيوف؛ قد وسمت وجوههم علامات الكفاح، وأحالت عرضهم أقلام الرّماح؛ صابرين مصابرين، مكاثرين مكابرين، مناضلين مناظرين؛ قد قاموا عن المسلمين بما قعد عنه سائرهم، ونزلوا بقارعة القراع فلا يسير عنها سائرهم؛ وسدّست «٥» كعوب الرّماح أنملهم، وأثبتوا في معترك الموت أرجلهم؛ كلّ ذلك طاعة لله ولرسوله ولخليفتهما، وإذا رموا فأصابوا قالوا ولكنّ الله رمى.