بالمكاتبات في بلوغ الأوطار، والدّيار إذا تناءت اكتفت بالمراسلة عن تقارب الدّار، والمودّة إذا صفت لا يؤثّر فيها البعاد، والمحبّة إذا صدقت لا تزال كلّ يوم في ازدياد؛ (والأذن تعشق قبل العين أحيانا) ، والوصف يحرّك من الشّوق أغصانا وأفنانا.
هذا وإنّ أحقّ ما اتّخذته الملوك ذريعة لدواعي الابتهاج، وأهمّ ما اهتمّ به متخّت بتخت أو متوّج بتاج؛ إحياء مذاهب الملوك السالفة في الوداد، واقتفاء آثارهم الجميلة في موارد المكاتبات على التّنائي والبعاد؛ ومن ثم صدرت هذه المكاتبة إلى المقام العالي، السلطانيّ، الكبيريّ، الأخويّ، الفلانيّ، ركن الملّة الإسلامية، عماد المملكة الجنكزخانيّة، ذخيرة الدين، خليل أمير المؤمنين- زيدت عظمته، ودامت معدلته- تخصّه بسلام تهبّ به الجنوب فتؤثّر به في الشّمال القبول «١» ، وتخصّ به إلى السّراى سراها ليكون لها ببيت بركة أشرف قدم وأكرم وصول؛ وتمدّ على خوارزم والدّشت فضل رواقه المديد؛ وتنشر على مملكة السّرير «٢» لواءه فيعم ما بين جيحون وطرنا «٣» ويشمل ما بين الخطا «٤» والباب الحديد. وتناجي علمه الشريف بأنه غير خاف عن شريف مقامه أن من سلف من ملوك مملكتنا العالية الذّرى، والمملكة القانيّة المرفوعة الذّكر رفع نار القرى؛ لم تزل ملوكهم مجتمعة مع تنائي الدّيار، مؤتلفة على المحبّة وإن شطّ المزار، محافظين على تتابع الرّسل وإن حال دونهم الصّفاح «٥» ، مثابرين على توارد الكتب