كان وما يكون في كل زمان ومكان؛ تاهت في ميادين فلوات معرفته سوابق جياد الأفهام، وتدكدكت لهيبة جلاله جبال العقول والأوهام؛ وصلّى الله على سيدنا محمد حبيب الرحمن، وسيد الأكوان، وصاحب المعجزات والبرهان، المبعوث إلى الخلق أجمعين من الإنس والجانّ، والمنعوت بالفضل العميم، والخلق العظيم، في التّوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وعلى آله وصحبه الغرّ الكرام الحسان، وعلى التابعين لهم بإحسان، وسلّم تسليما كثيرا ما تعاقب الحدثان.
وبعد، فقد وصل إلى أبوابنا الشريفة العالية كلّ ما جهّزته أوّلا وآخرا يا أمير تيمور من كتاب، وأحاطت علومنا الشريفة بما فيها من كلام وخطاب؛ وقصد وعتاب، وإرعاد وإرغاب وإرعاب.
فأما ما ذكرته في أوّل كتبك من ألقابنا الشريفة بالتعظيم، والتّبجيل والتفخيم؛ فقد علمناه وعرفناه، ولكن وجدنا الكلمتين اللتين في الطمغات آخر الكتب وهما راستي رستي منافيتين لذلك التعظيم، وهذا غير مستقيم؛ لأنه متناقض غير متناسب، فعجبنا من هذا التناقض الواضح، والتخالف الفاضح؛ وفي المثل السائر:«أصلح وقابل وأفسد وقابل» .
وأمّا إرسالك السيف والتّركاش «١» لنا، فقد تعجّبنا منه إلى الغاية، وأنكرناه إلى النّهاية: لأنك لم تزل في كتبك كلّها تستشهد بتاريخ جنكزخان وأخباره وأحواله، وتقتدي به في أقواله وأفعاله؛ وما سمعنا في التواريخ ولا أتّفق قطّ من جنكزخان، ولا ممن تقدّمه وتأخّره من ملوك مملكته في زمن من الأزمان، أنّه أهدى إلى خادم الحرمين الشريفين سيفا ولا تركاشا؛ ما اختلف في ذلك اثنان.
فإرسالهما منك إلينا هل هو من باب المحبة أو لا، وإن كان تخويفا، فنحن ما نخاف من سيفك وتركاشك بعناية الله العظيم الأعلى.