كان يتفق لرسلك ما اتّفق. ولكنّ الجزاء من جنس العمل، والخير بالخير والبادي أكرم، والشّرّ بالشر والبادي أظلم.
وأيضا كلّ وقت تسأل عن ممالكنا المصونة، وكثرة عساكرنا المنصورة من قلّتها. فلو كنت طالبا المحبة والصحبة والمصادقة، ما وقع منك هذا.
وأما قولك إنّ هولاكو أخذ من كلّ مائة رجل رجلين وجاء بهم، وأنت قد جئت بالرجلين وبالمائة، واعتمادك على كثرة عسكرك على قولك فقد علمناه، وإن كان اعتمادك على كثرة عسكرك فاعتمادنا نحن على الله تعالى واستمدادنا من الحرمين الشريفين، ومددنا ممّن بهما من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، والصحابة والصالحين رضي الله عنهم. فإذا تلاقينا يكون ما يقدّره الله تعالى ويعطي الله النصر لمن يشاء، وتعلم ذاك الوقت لمن العاقبة؛ ويظهر فعل الربّ القادر تعالى، وعوائده الجميلة بنا التي لا شكّ عندنا فيها ولا ريب، وقطّ ملوك التتار ما انتصروا على ملوك الإسلام، بل ملوك الإسلام خدّام الحرمين الشريفين، هم المؤيّدون المنصورون المظفّرون بعون الله تعالى، وببركة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، معوّدون من الله الكريم بالفضل والإحسان والغنائم والفتوحات:
لأنهم أهل الكتاب والسّنّة والعدل والخير والخوف من الله تعالى، لا يقعون في محارمه، ولا يقدمون على ارتكاب ما ينهى عنه، فهم المؤمنون المتّقون. وقال الله تعالى: كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
«١» وقال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا