نعرّفك به هو أننا كنا نتوقّع أنك تجيء قبل هذا الوقت، فقد أبطأت كثيرا، وملوك الإسلام خدّام الحرمين الشريفين الذين كانوا قبلنا ما تصالحوا مع مثل هولاكو وغيره إلا حتّى تزاوروا وتقابلو واجتمعوا، ونحن أيضا كذلك، ما نصطلح إلا بعد أن نتزاور ونتقابل ونجتمع. وأنت طلبت أحمد الحلايري، وها نحن واصلون إليك به، نطلب منك أن تشفّعنا فيه، وتهبنا ذنبه الذي صدر منه، وندخل عليك بسببه، ونسأل إحسانك أن تعيّن لنا موضعا نلتقي معك فيه، حتّى نأتيك بأحمد الحلايري المذكور فيه، ونشفع فيه عندك. فعيّن لنا الموضع المذكور على حسب ما تختار: إما من ذاك الجانب من الفرات، أو من هذا الجانب. وأيّ موضع عينته وسمّيته لنا جئناك بالمشار إليه فيه، وندخل عليك في أمره، ونستوهب ذنبه منك.
وأما ما ذكرته من أمر الرسول، فقد علمناه. والذي نعرّفك به هو أن الرسول المذكور كان يكتب المنازل منزلة منزلة إلى بلادنا المحروسة، واطلع عليه في ذلك جماعة من جهتنا؛ ولما وصل إلى الرّحبة المحروسة، قال للنائب بها: بس الأرض للأمير تيمور واقرأ الخطبة باسمه. فلو كان رسولا مصلحا ما كان كتب المنازل، ولا أكثر فضوله، وتحدّث بما لا ينبغي له، وتكلّم فيما لا يعنيه، وتعدّى طوره: لأنه لا ينبغي للرسول أن يكون إلا أعمى أخرس غزير العقل، ثقيل الرأس، كما قال بعضهم:
إذا قصدت الملوك فالبس ... من التّقى والعفاف ملبس!
أدخل إذا ما دخلت أعمى، ... واخرج إذا ما خرجت أخرس!
وكيف يمكن نائبا الذي هو من جملة مماليكنا، وجبل لحمه ودمه على أنعمنا وصدقاتنا، وغذّي وربّي بلبان فضلنا وجودنا [أن] يبوس الأرض لغيرنا، أو يخطب باسم غيرنا؟ وكيف يترك اسم خادم الحرمين الشريفين أستاذه؛ ويذكر اسم غيره؟. فقد تكرّرت منك الفعال القبيحة، الموجبة لما يقدّره الله تعالى؟ ونحن نقسم بالله تعالى لولا قلت لنعير تعال حتّى أعملك مقدّم العساكر، ونمشي على الشام ومصر؛ وقرّبت مماليكنا وآويتهم، وبدأت بهذا كلّه وحصل منك التعدّي، ما