للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولك: إنّ صاحب تكريت كان حراميّا قاطع طريق، ففعلت معه ما فعلت مقابلة له على نجسه وحرامه وقطعه الطّرقات، فقد علمناه وسلّمنا لك هذا الأمر، بيّض الله وجهك، وما قصّرت فيه، فحبّذا ما عملت، ونعم ما فعلت في حقّه من إعطائه جزاءه. أفأهل بغداد كانوا حراميّة قطّاع طريق حتّى فعلت بهم ما فعلت، وقتلت منهم من التّجّار خاصّة ثمانمائة نفس في المصادرة بالعقوبة والعذاب. ففي أيّ مذهب يجوز هذا؟ وهل يحلّ لمن يدّعي الإسلام أن يعمل بخلق الله تعالى الذين أمر بالشفقة عليهم والإحسان إليهم ونشر العدل فيهم هذه الفعال؟ وقد تعجّبنا منك يا أمير تيمور إلى الغاية! كيف تدّعي أنّك عادل، وتعمل بأهل بغداد المسلمين الموحّدين وبغيرهم من المسلمين هذه العمائل؟ أما تعلم أنّ الشفقة على خلق الله تعظيم لأمر الله! وأنّ الله رحيم يحبّ من عباده الرّحماء، وأن الظّلم حرام في جميع الملل؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تعالى يقول: يا عبادي إنّي حرّمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظّالموا» . وقال عليه السلام: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن» . وورد: «إن فاتني ظلم ظالم فأنا الظّالم» وحسب الظالمين ربّ العالمين الذي قال في حقهم أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ

«١» وقال إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ*

«٢» . والباغي له مصرع. ولما جاء هولاكو ومنكوتمر وغازان وقصدوا ملوك الإسلام خدّام الحرمين الشريفين، الذين كانوا من جنسنا كما ذكرنا لك أعلاه، اتّفق لهم ما اتّفق مما هو مشروح في التواريخ ومعلوم عند الناس؛ فمهما أخذه أولئك تأخذه إذا جئت.

وأما قولك في كتبك: إنه إن لم نجهّز إليك السلطان أحمد الحلايري مقيّدا تجيء في أوّل فصل الربيع إذا نزلت الشمس برج الحمل، أو لمّا تنزل الميزان، وإن جهّزناه إليك مقيدا، تتأكد المحبة والصّحبة بيننا وبينك، فقد علمناه؛ والذي

<<  <  ج: ص:  >  >>