للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الأمر ما خفي علينا خبره، ولا توارى عنّا ورده ولا صدره؛ فإن أخبار مملكة اليمن ما زالت متواصلة إلينا بما هي عليه من اضطراب واف، واختلاف غير خاف، وهيج لا يرجع الأمر فيه إلى كاف كافّ؛ وما أخّرنا لحق جيوشنا المنصورة، وعساكرنا التي ممالك العدا بمهابتها محصورة، عن الوصول إلى المملكة اليمنية لتقويم أودها، وتمكين شدّها؛ وإقامة أمر الملك فيها، وحسم مادّة الفساد عن نواحيها، وتطمين البلاد، وإنامة الرّعايا من الأمن في أوطإ مهاد، والاحتراز على الخزائن والأموال، وصونها عن الإنفاق في غير جند الله الذين منعوا دعوة الشرك أن تقام وكلمة الكفر أن تقال؛ إلّا لأنّ عساكرنا كانت الآن في الممالك والأقاليم التي بيد الكفر: من التّتار المخذولين، ومن يقول بقولهم من أعداء الدين، تقتل وتأسر، وتلقى الجيوش الكافرة فتكسب وتكسر، وتصحبهم حيث حلّوا طلائع رعبها، وتصبّحهم منها أين طلّوا ريح عاد التي تدمّر كلّ شيء بأمر ربّها.

وما سطّرنا هذه المكاتبة إلا وجيوشنا المنصورة قد وطئت عقر بلادهم فأذلّتها وأذالتها «١» ، وغيّرت أحوالها وحالتها؛ وقاسمتهم شرّ قسمة فلها منها الحصون والمصون، والجنّات الوارفة الغصون، ولهم منها الخراب والتّباب، والدارس الذي لا يحصل بكفّ دارس بيته إلا التّراب؛ وها هي قادمة إلينا يقدمها النصر، ويتقدّمها من أسر العدا وغنائمهم ما يربي عن الحصر؛ وما بينها وبين ركوب هذا البحر لملك تمهّده، وعدل تجدّده، وبغاة تكفّ غربها، ورعاة تؤمّن بالمهابة سربها، وتصفّي من أكدار الفتن شربها؛ وخزائن لها عن غير الإنفاق في سبيل الله تصونها إلا بمقدار ما تستقرّ بها المنازل استقرار السّنة «٢» بالجفون لا النوم «٣» ، وأضرمت نواحيها، واستاقت أهلها ومواشيها، وجعلت

<<  <  ج: ص:  >  >>