قصورها صعيدا «١» ، وزرعها حصيدا، وعقائلها «٢» إماء، ومعاقلها هباء؛ وابتذلت مصونها الذي جعله الله لها أثقالا، واختارت من حصونها لملكنا ما كانت سيوفنا له مفاتح فلمّا فتح عدن له أقفالا؛ واقتلعت من القلاع التي كانت بيد الكفر كلّ معقل أشب «٣» ، وحصن شابت نواصي اللّيل وهو لم يشب؛ قد صفّح بالصّفاح، وشرّف بأسنّة الرّماح، واستدار بقنّة قلة ينهب الترقّي إليها هوج الرّياح؛ فطهّرته من النّجس، وعوضّته بصوت الأذان عن صوت الجرس، وأخرست الناقوس بسورة الفتح الذي عوذّته نوب الدهر بآيات الحرس؛ مع ما أضيف إلى تلك القلاع من بلاد وتلاد، وأغوار ونجاد؛ وجنّات وعيون، وأموال ارتجع بها ما كان للإسلام في ذمّة الكفر من بقايا الدّيون. وكلّ تلك الغنائم منحناها جيوشنا المنصورة وأبحناها، وقوّيناهم على أمثالها من الفتوح برفع العوائق التي أزلناها، بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضّة وأزحناها؛ وما وصل الآن قصّاده إلى أبوابنا العالية إلا والبشائر تنطق بألسنة التّهاني، وتخفق بمجدّدات هذه الفتوح في الأقاصي من ممالكنا والأداني؛ وقد شاهدوا ذلك وشهدوه، ورأوا ما رأى غيرهم من نوادر الفتوح التي أربت على ما ألفوه من قبل وعهدوه. هذا وما وضعت الحرب إلى الآن أوزارها، ولا خمدت نار الوغى التي أعدّت جيوشنا المنصورة للأعداء أوراها؛ وما يمضي وقت إلا والبشائر متواردة علينا بفتح جديد، ونصر له في كلّ يوم مخلّق تخلّق وفي كل برّ بريد. وقصارى أمر العدوّ الآن أنهم ليس لهم بلد، إلا وقد (أخنى عليه الذي أخنى على لبد)«٤» ؛ ولا دار إلا وقد أضحت كدار ميّة التي (أقوت وطال