عليها سالف الأمد) «١» ؛ ولا جيش إلا وقد فرّ وأين يفرّ وهو يطوي في قبضتنا المراحل؟، ولا طرائد بحر إلا وهي مطرودة في اللّجج لتيقّنهم أن العطب لا السلامة في الساحل.
فمن أجل ذلك رأينا أنّ اشتغال جيش الإسلام بجانب الكفر هو المهمّ المقدّم على ما سواه، والغرض الذي نيّتنا فيه إنقاذ أهل الإسلام من كلمة الكفر وتحكّمه «ولكلّ آمريء ما نواه» ورأينا أنّ أمر هذه الجهة ما يفوت بمشيئة الله وعونه وتمكينه، وإذا كان الله قد أقام بقدرته منا ملكا لنصرة دينه فإنّ اليمن وغيره في يمينه؛ وهي محسوبة من أعداد ممالكنا المحروسة، ومعدودة من أقسام بلادنا التي هي بوفود الفتوح مأنوسة؛ ولا بدّ من النظر في أمرها، وإعمال الفكر في إزاحة ضرّها، وتجريد العساكر المنصورة إليها، وإقدام الجيوش التي عادتها الإقدام في الوغى عليها؛ ليكون العمل في أمرها بما يرضي الله ورسوله، ويبلغ من كان بتلك الجهات يروم الجهاد ولا يطيقه سوله؛ فإن المملكة المذكورة توالت عليها المدد، ومضى عليها الأبد؛ وهمّة من فيها إلى اللهو مصروفة، وعلى اللّذات موقوفة؛ وأحكام الجهاد عندهم مرفوضة حتى كأنّ الجهاد لم يبلغهم وغره حلمه «٢» ، ولا أحاطت أفكارهم بشيء من علمه؛ بل كأنه على غيرهم وجب، وكأنّ ما أعدّ الله من الأجر عليه إنما أريد به الذين يكنزون الذهب؛ وتمادت الأيام وليس في نكاية أعداء الله منهم مصيب، وتفرّقت الأموال وما لجند الله فيما احتووا عليه من ذلك سهم ولا نصيب؛ وأيّ عذر عند الله لمن جعله مؤتمنا على ماله فلم يكن له في