للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصيل، وصار اليوم كأمس، ونسخت آية الليل بسورة الشمس؛ واكتحلت الأعين بمرود السّبات، وخاف كلّ من المسلمين إصدار البيات «١» .

ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي ... بأخرى الأعادي، فهو يقظان نائم!

إلى أن تراءت العين بالعين، واضطرم نار الحرب بين الفريقين؛ فلم تر إلا ضربا يجعل البرق نضوا، ويترك في بطن كلّ من المشركين شلوا؛ حتّى صارت المفاوز دلاصا «٢» ؛ ومراتع الظّبا للظّبا عراصا «٣» ؛ واقتنصت آساد المسلمين المشركين اقتناصا، ورأى المجرمون النار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مناصا؛ فلا روضة إلا درع ولا جدول إلا حسام، ولا غمامة إلا نقع ولا وبل إلا سهام؛ ولا مدام إلا دماء ولا نغم إلا صهيل، ولا معربد إلا قاتل ولا سكران إلا قتيل؛ حتّى صار كافور الدّين شقيقا، وتلوّن الحصباء من الدّماء عقيقا؛ وضرب النقع في السماء طريقا، وازدحمت الجنائب في الفضاء فجعلته مضيقا؛ وقتل من المشركين كلّ جبّار عنيد، ذلك بما قدّمت أيديهم وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ

«٤» .

قلت: وهذه النسخة تلقّفتها من أفواه بعض الناس، ذكر أنه وجدها في بعض المجاميع فحفظها منه، وهي في غاية من البلاغة، إلا أنها لا تخلو من تغيير وقع في بعض أماكنها، ولعله من الناقل لها، من حيث إنه ليس من أهل هذه الصناعة. ولم يسعني ترك إيرادها لما فيها من المحاسن، ولانفرادها بأسلوب من الأساليب التي

<<  <  ج: ص:  >  >>