من التّحف المنعم بها ما أمكن تعجيل حمله، وجرت عوائد ملوك الأقاليم بالتشريف من خزائننا العالية بمثله؛ وحمّلنا رسله من السلام ما تعبق به الفجاج، وتعذب به البحار وهي ملح أجاج. والمراد منه أن يواصل بمكاتباته التي تتناوب الصّدور، وتنوب عن لمحة البدور، وتؤوب بما تقدم به من السرور؛ والله تعالى يديم لسلطانه التأييد، ولملكه التأييد، ولاقتداره ما به تعزّ تعزّ «١» وتميد زبيد «٢» . إن شاء الله تعالى.
فائدة- المكاتبة إلى صاحب اليمن عن وليّ العهد بالسلطنة كالمكاتبة إليه عن السلطان نفسه في جميع المكاتبة على السّواء.
وعلى ذلك كتب القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر عن «الأشرف خليل ابن قلاوون» قرين كتاب أبيه المنصور قلاوون إلى صاحب اليمن، بالبشرى بفتح طرابلس.
وهذه نسخته:
أعزّ الله تعالى نصرة المقام! وأوفد عليه كلّ بشرى أحسن من أختها، وكلّ تهنئة لا يجلّيها إلا هو لوقتها؛ وكلّ مبهجة يعجز البنان والبيان عن ثبتها ونعتها، وتتبلّج فتودّ الدّرر والدّراريّ لو رقت هذه إلى ترقّيها وسمت هذه إلى سمتها.
وصبّحه منها بكل هاتفة أسمع من هواتف الحمائم، وبكل عارفة أسرع من عوارف الزّهر عند عزائم النّسائم؛ وبكلّ عاطفة أعنّة الإتحاف بالإيجاف الذي شكرت الصّفاح منه أعظم قادر والصحائف أكرم قادم؛ والغزو الذي لا يخصّ تهامة ببشراه بل جميع النّجود والتّهائم، وذوي الصّورام والصّرائم «٣» ، وأولي القوى والقوائم، وكلّ ثغر عن ابتهاج الإسلام باسم، وكلّ برّ برّ بتوصيل ما ترتّب عليه من ملاحم؛