ووضح؛ وكان لأهل الإيمان بنعته أعظم هناء وأكبر فرح.
وسطّرناها وركبكم المبارك قد رامت السّرى نجائبهم؛ وأمّت أمّ القرى ركائبهم؛ يسايرهم الأمن ويصاحبهم، ويظاهرهم اليمن ويواظبهم؛ فقد أعدّت لهم المير «١» في جميع المنازل، وشدّت لهم الهجان البوازل، وأترعت لهم الموارد والمناهل، وأمرعت لهم بالميرة القفار والمراحل، ووكّلت بهم الحفظة في المخاوف ونصبت لهم الأدلّة في المجاهل، وجرّد معهم الفرسان، وجدّد لهم الإحسان، وأكّد لهم حقّان حقّ مرسلهم وحقّ الإيمان، وقلّد درك حياطتهم أمرا العربان، وشوهد من تعظيمنا لهم ما يحسدهم عليه ملوك الزمان بكلّ مكان؛ وكتبنا على أيديهم إلى أمراء الأشراف بالنّهوض في خدمتهم والوقوف، وأن يحيط بهم كلّ مقدّم طائفة ويطوف، يتسلّمهم زعيم من زعيم، إلى أن تحطّ رحالهم بالحطيم «٢» ، ويحلّ كلّ منهم بالمقام ويقيم، وتكمل مناسكهم بشهود الموقف العظيم.
وكذلك كتبنا إلى أمراء المدينة المشرّفة، أن تتلقّى بالقبول الحسن مصحفه، وتحلّه بين الروضة والمنبر، وتجلّه فقد ربح سعي كاتبه وبرّ، وكتبت له بعدد حروفه أجور توفّر؛ ويمكّن من يرقّ لتلاوته في الآصال والبكر، ويهيمن على ذلك فإنّه من بيت هم الملاك الأعلى وعندهم وفيهم جاءت الآيات والسور.
وعمّا قليل يتمّ حجّهم واعتمارهم، ويؤمّ طيبة الطّيّبة العاطرة زوّارهم؛ فيكرم جوارهم ويعظم فخارهم، وتنعم بإشراق تلك الأنوار بصائرهم وأبصارهم، وتفوح أرواح نجد من ثيابهم، وتلوح أنوار القبول على شيبهم وشبابهم؛ ثم يعودون إلينا فنعيد لهم الصّلات، ونفيد كلّا منهم ديم النّعم المرسلات؛ ثم يصدرون إن شاء الله إليكم ركائبهم بالمنائح مثقلات، ومطالبهم بالمناجح مكمّلات؛ ويظفرون من الله في الدارين بقسم النّعم المجزلات حتّى يلقوا