للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد حمد الله مظهر دينه على كلّ دين، ومطهّر أرجاء البسيطة من الماردين المارقين، ومجرّد سيف النصر على الجاحدين الحائدين، وموهن كيد الكافرين، ومجزل أجر الصابرين، ومنجز وعد من بشّرهم في كتابه المبين بقوله:

بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ

«١» الذي عصم حمى الإسلام بكل ملك قاهر، وفصم عرى الشّرك بكلّ سلطان غدا على عدوّ الله وعدوّه بالحقّ ظاهر، وقصم كلّ فاجر بمهابة أئمة الهدى الذين ما منهم إلا من هو للمحاسن ناظم ولقمم العدا نائر؛ ناشر علم الإيمان بحماة الأمصار، وناصر علم الإسلام بملوك الأقطار، وجاعل كلمته العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، لا جرم أنّ لهم النّار؛ جامع قلوب أهل الإيمان على إعلاء علم الدّين الحنيف وإن بعدت بينهم شقّة النّوى وشطّ المزار.

والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الذي أرسله الله رحمة للعالمين ونقمة على الكفّار، ونصره بالرّعب مسيرة شهر وبالملائكة الكرام في إيراد كلّ أمر وإصدار، وألان ببأسه صليب الصّلبوت «٢» وأهان بالتنكيس عبدة الأصنام وسدنة النار، وأيّده بآل وأصهار، وأصحاب وأنصار، وجنود تهون النّقع المثار، وأتباع ما أظلم خطب إلا أجالوا سيوفهم فبدا نجم الظّفر في سماء الإيمان وأنار، وأمة ظاهرة على من ناواها، ظافرة بمن عاداها، ما تعاقب الليل والنّهار، صلاة وتسليما يدومان بدوام العشيّ والإبكار.

فقد ورد علينا كتاب مختوم بالتكريم، محتوم بالتبجيل والتقديم، محتو على وصف فضل الله العميم، ونصره العظيم، ومنّه الجسيم؛ فأكرمنا نزله، ونشرنا حلله، وتفهّمنا تفاصيله وجمله؛ فتيمّنّا بوصوله، وتأمّلنا مخايل النصر العزيز من فصوله، ووجدناه قد اشتمل من سعادة مرسله على أنواع، ومن وصف تعداد نصرته على عون من الله ومن يعن الله فهو المنصور المطاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>