سرى وسيرا، ولو كان من ذوي الألباب لتعقّل في أمر قول الله تعالى: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً
«١» . وأنّ المقام العالي ألزمه بعد ذلك ما كان على أهل «أغرناطة»«٢» له في كلّ عام موظّفا، ووضع عنهم إصر ما برج كالأسر مجحفا.
وهذه عزّة إسلاميّة جدّد الله على يد المقام بذلك القطر صدورها، وسطّر في صحائف حسناته أجورها، وأبقى له مذخورها، وأعدّها له ليوم تجد فيه كلّ نفس ما عملت من خير محضرا إذا شاهدت عرضها ونشرها، ومنّة من الله أربت على العدّ، وتجاوزت الحدّ، ومزيّة لا تطمح الآمال إلى ميلها في جانبها ولا تمتدّ، ورتب جدّ يلحق بها الولد الناجم في سماء المعالي رتب الكرام من أب له وجدّ- والله يجعله مظفّرا على العدا، منصورا على من حاد عن سواء السبيل واعتدى، مستحقا لمحاسن الأخبار على قرب المدّة وبعد المدى.
وقد كان أخونا أمير المسلمين، وسلطان الموحّدين، والدك الشهيد قدّس الله سرّه؛ وبوّأه دار النعيم وبها أقرّه، في كلّ آونة يخبرنا بمثل هذا الفتح، ويذكر لنا ما ناله من جزيل المنح؛ (فهذه شنشنة نعرفها من أخزم)«٣» ، وسنّة سلك فيها الشّبل الصائد سنن ذلك الضّيغم الأعظم، ونحن نحمد الله الذي أقام المقام مقام