والإستبرق ليكون لفضل الله مظهرا ولإحساننا مبينا، واتّخذ لسهام القسيّ ليوم اللّقاء الألسن الحداد، ومدّ يد المظاهرة ببيض قصار وسمر صعاد.
فلمّا جاسوا خلال تلك الدّيار، وما سوا يرفلون في حلل الإيمان التي تشفي صدور قوم مؤمنين وتغيظ الكفّار، لم يسلكوا شعبا إلا سلك شيطان الكفر شعبا سواه، ولا وطئوا موطئا إلّا وكلّ كافر يأباه؛ ولا نالوا من عدوّ نيلا إلّا كتب لهم به عمل صالح كما وعدهم الله؛ وما أتوا لهم على ضرع حافل إلا جفّ، ولا مرّوا على زرع حاقل «١» إلا أصبح هشيما تذروه الرّياح أو حطيما تكفيه الكفّ؛ ولا هشيم إلا حرّقوه، ولا جمع إلا فرّقوه، ولا قطيع شاء إلا قطّعوه ومزّقوه، ولا ضائز «٢» إلا ضنّوا عليه أن يدعوه لهم أو يطلقوه، وما برحوا كذلك إلى أن نازلوا البلد المسمّى بآياس، فحصل لأهله من مسمّاه الأشتقاق الأصغر والاشتقاق الأكبر «٣» بقطع الأمل منه واتّصال الإياس؛ فناداهم من بذلك الحصن من أسارى المؤمنين.
يا رحمة الله حلّي في منازلنا ... حسبي برائحة الفردوس من فيك