ويا نصر الله انشر بالظّفر رايات مواجهنا ومنازلنا فطالما كنّا نؤمّلك ونرتجيك؛ ويا خيل الله اركبي، ويا خيل الكفّار اذهبي، ويا جند إبليس ارهبي، من جند الله الغالبين؛ وإن وجدت مناصا فانفري، وياما للإسلام من جنود وأنصار، قاتلوا الذين يلونكم من الكفّار.
وكانت موافاة عسكرنا المنصور إليهم عند الإسفار «١» ، فلم يملكوا القرار، ولا استطاعوا الفرار، ولم يجدوا ملجأ من الله إلّا إليه. وقال: لا وزر وكيف به لمن يلبّي الأوزار، ورأوا ما أعددنا لحصارهم من مجانيق تقدّ الصّخور، وتدكدك القصور، وتغيض بها مياه نفوس تلك الأجساد الخبيثة فلا يجتمعان إلى يوم البعث والنّشور؛ وأنا أمددنا جيوشنا بجاريات في بحر الفرات، مشحونة بالأموال والأقوات، والعدد والآلآت؛ وأرفدناهم من الذّهب والفضّة بالقناطير المقنطرات، وأوفدنا عليهم من أنجادنا بالديار البكريّة، وأطراف البلاد الشامية، جيوشا كالسّحاب المتراكم، وأطرنا عليهم عقبان اقتناص من عقبان التّراكمين «٢» اعتادت صيد الأراقم، وأسر الضّراغم؛ فلمّا تحقّقوا الدّمار، لم يلبثوا إلا كما وصف الله تعالى حال من أهلك من القوم الفاسقين ساعة من نهار.
فعند الظهيرة حمي الوطيس، ونكص عند إعلان الأذان على عقبه إبليس؛ وشاهدوا «٣» الموت عيانا، وتحقّقوا الذّهاب أموالا وإخوانا وولدانا، أذعنوا إلى السّلم، ونادوا الأمان الأمان يا أهل الإيمان والعلم، والكفّ الكفّ يا جند الملك الموصوف عند الشّقاق بالحزم، وعند القدرة على العقاب بالحلم. وأرسل طاغيتهم الأكبر ليفون، يقسم بصليبه: إنّا من القوم الذين يقومون بما عليهم من الجزية ويوفون؛ ومن الرّعيّة الذين يطيعون أمر ملكهم الأعظم وعن حمى الإسلام