للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك، فأضفى علينا من جلابيب ألطافه ولطائفه، ما حقّق به آمالنا في جزيل آلائه وعوارفه، وجلّى هذه المملكة علينا، وأهدى عقيلتها إلينا، فاجتمع عندنا في قوريليان «١» المبارك- وهو المجتمع الذي تقدح فيه الآراء- جميع الإخوان والأولاد والأمراء الكبار، ومقدّمو العساكر، وزعماء البلاد، واتّفقت كلمتهم على تنفيذ ما سبق به حكم أخينا الكبير، في إنفاذ الجمّ الغفير، من عساكرنا التي ضاقت الأرض برحبها من كثرتها، وامتلأت الأرض رعبا من عظيم صولتها، وشديد بطشتها، إلى تلك الجهة بهمة تخضع لها صمّ الأطواد، وعزمة تلين لها الصّمّ الصّلاد، ففكّرنا فيما تمخّضت زبد عزائمهم عنه، واجتمعت أهواؤهم عليه، فوجدناه مخالفا لما كان في ضميرنا من اقتفاء الخير العامّ، الذي هو عبارة عن تقوية شعار الإسلام، وأن لا يصدر عن أوامرنا ما أمكننا إلّا ما يوجب حقن الدّماء، وتسكين الدّهماء، وتجري به في الأقطار، رخاء نسائم الأمن والأمان، ويستريح به المسلمون في سائر الأمصار، في مهاد الشّفقة والإحسان، تعظيما لأمر الله، وشفقة على خلق الله، فألهمنا الله تعالى إطفاء تلك النائرة «٢» ، وتسكين الفتن الثائرة، وإعلام من أشار بذلك الرأي بما أرشدنا الله إليه، من تقديم ما يرجى به شفاء مزاج العالم من الأدواء، وتأخير ما يجب أن يكون آخر الدواء، وأننا لا نحبّ المسارعة إلى هزّ النّصال للنّضال إلّا بعد إيضاح المحجّة، ولا نبادر لها إلّا بعد تبيين الحق وتركيب الحجّة، وقوّى عزمنا على ما رأيناه من دواعي الصّلاح، وتنفيذ ما ظهر لنا به وجه النجاح، إذ كان، الشيخ قدوة العارفين «كمال الدين عبد الرحمن» الذي هو نعم العون لنا في أمور الدين، فأرسلناه رحمة من الله لمن [لبّى] دعاه، ونقمة على من أعرض عنه وعصاه، وأنفذنا أقضى القضاة قطب الملة والدّين، والأتابك بهاء الدين، اللّذين هما من ثقات هذه الدولة الزاهرة ليعرّفوهم طريقتنا، ويتحقّق

<<  <  ج: ص:  >  >>