للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم ما تنطوي عليه لعموم المسلمين جميل نيّتنا، وبيّنا لهم أنّا من الله تعالى على بصيرة، وأنّ الإسلام يجبّ «١» ما قبله، وأنه تعالى ألقى في قلوبنا أن نتّبع الحقّ وأهله، ونشاهد أنّ عظيم نعمة الله للكافّة بما دعانا إليه من تقديم أسباب الإحسان، أن لا يحرموها بالنظر إلى سائر الأحوال فكلّ يوم هو في شان، فإن تطلّعت نفوسهم إلى دليل تستحكم بسببه دواعي الاعتماد، وحجّة يثقون بها من بلوغ المراد، فلينظروا إلى ما ظهر من أمرنا مما اشتهر خبره، وعمّ أثره، فإنا ابتدانا بتوفيق الله بإعلاء أعلام الدّين وإظهاره، في إيراه كلّ أمر وإصداره، تقديما لناموس الشرع المحمديّ، على مقتضى قانون العدل الاحمديّ، إجلالا وتعظيما، وأدخلنا السرور، على قلوب الجمهور، وعفونا عن كل من اجترح سيّئة واقترف، وقابلناه بالصّفح وقلنا عفا الله عمّا سلف، وتقدّمنا بإصلاح أمور أوقاف المسلمين من المساجد والمشاهد والمدارس، وعمارة بقاع الدّين والرّبط الدّوارس، وإيصال حاصلها بموجب عوائدها القائمة إلى مستحقّيها بشروط واقفيها، ومنعنا أن يلتمس شيء مما استحدث عليها، وأن لا يغيّر أحد شيئا مما قرّر أوّلا، وأمرنا بتعظيم أمر الحجّاج وتجهيز وفدها، وتأمين سبلها، وتسيير قوافلها، وإنا أطلقنا سبيل التّجار المتردّدين إلى تلك البلاد ليسافروا بحسب اختيارهم على أحسن قواعدهم، وحرّمنا على العساكر والقراغولات «٢» والشّحاني في الأطراف التّعرّض لهم في مصادرهم ومواردهم، وقد كان قراغول صادف جاسوسا في زيّ الفقراء كان سبيله أن يهلك، فلم نهرق دمه لحرمة ما حرّمه الله تعالى وأعدناه إليهم. ولا يخفى عنهم ما كان في إنفاذ الجواسيس من الضرر العامّ للمسلمين، فإنّ عساكرنا طالما رأوهم في زيّ الفقراء والنّسّاك وأهل الصّلاح، فساءت ظنونهم في تلك الطوائف، فقتلوا منهم من قتلوا، وفعلوا بهم ما فعلوا، وارتفعت الحاجة

<<  <  ج: ص:  >  >>