أما بعد حمد الله الذي أيّد المؤمنين، على عدوّهم فأصبحوا ظاهرين، وعرّف الإسلام وأهله من السّرّ العجيب، والصّنع الغريب، ما فيه عبرة للسامعين والنّاظرين، حكمة عجزت عن فهم سرّها المكتوم، وقصرت عن كنهها المختوم، ألباب عبيده القاصرين. والصلاة والسّلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله الذي أرشد به الحائدين الحائرين، وأرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه برغم الجاحدين الكافرين، وعلى آله وصحبه الذين هاجروا إليه وبلادهم هجروا، والذين آووا من أوى إليهم ونصروا، والذين جاهدوا في الله فصبروا، ففازوا بذكر المهاجرين والأنصار وأجر المجاهدين الصابرين، وصلة الدعاء لحزب الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بفضل لا يزالون معه لأعدائهم قاهرين، وسعد لا ينفكّون له بآمالهم ظافرين، ونصر من عند الله وما النّصر إلّا من عند الله وهو خير الناصرين.
فإنا كتبنا لكم- كتب الله لكم مجدا مديد الظّلال، وعضدا حديد الإلال «١» ، وسعدا جديد السّربال- من منصورة «تلمسان» حرسها الله تعالى، والصنائع الرّبّانيّة تكيّف العجائب، وتعرّف العوارف الرغائب، وتشنّف الأسماع بما تسمعها من إجزال المنوح والمواهب، وتفوّف الرّقاع بما تودعها من أحاديث الفتوح الغرائب، والحمد لله على ما يسّر من المآرب، وسهّل من المواهب، وإخاؤكم الصادق مبرور الجوانب، مأثور المناقب، مشرق الكواكب، مغدق السحائب، نامي المراتب، سامي المراقب، والله تعالى يبقيه في ذاته، ويقيه من صرف الدهر وأذاته. وإلى هذا وصل الله لكم سعدا جديدا، وجدّا سعيدا، ومجدا حميدا،