وحمدا مجيدا، فقد وصل كتابكم الأثير، المزري بالمسك النّثير، فاجتلينا منه روضة جادها البيان فأمرعها «١» ، ورادها البنان فوشّعها، واجتنينا من غصون سطوره ثمرات وداد ما أينعها، إنباء عما تلقّاه الإخاء الكريم من قبل الشيخ الأجل، أبي عبد الله محمد بن الجرّاح مما عنّا تحمّل، وفي إلفائه وأدائه بحضرتكم الكريمة أحسن وأجمل، وهو ما كان عليه عزم مولاتنا الوالدة ألحقها الله تعالى رضوانه، وبوّأها جنانه، من حجّ البيت المحرّم، وزيارة [القبر] المعظّم المكرّم، والصلاة بالمسجد الحرام ومسجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وثالثها في شدّ الرحال للمسجد الأقصى ونعم المغتنم، وقضاء النّسك بتلك المناسك والمشاهد، والتبرّك بتلك المعالم المنيفة والمعاهد، وما وصف مع ذلك بهذا الجانب الغربيّ، ورصف من أمر قتالنا لكلّ مارق أبيّ وكافر حربيّ، وما منحنا الله من نصر لقلوب أهل الإيمان مبهج، ولصدور عبدة الصّلبان محرج، وأن الإخاء الكريم حصل له بذلك أبهى ابتهاج، وحلّ منه محلّ القبول الذي انتهج له من اقتفى سبيل القصد أنهى انتهاج، فعقد العزم على تلقّي الوافد من تلقائنا، والوارد رجاء أداء فرض الحجّ من أرجائنا، بتسهيل سبيله، وتيسير ارتحاله إلى بيت الله ورسوله، وأنه متى وقع الشّعور بمقدم المولاة رحمها الله تعالى على بلاده، وقربها من جهاته المجودة من جود جوده بعهاده، يقدّم للخروج من يتلقّى ركابها، ويعتمد بالبرّ والتكريم جنابها، حتّى تحمد وجهتها الشريفة بجميل نظره وإيابها، وقام عنّا بما نودّه من برّها، وساهم فيما تقدّمه إلى الله عزّ وجلّ من صالح أجرها. وقد قابلنا هذا الفضل من الشّكر بأجزله، ومن البرّ بأحفاه وأحفله، وحصل لدينا بإزائه سليم ودّه وكريم إخائه، من تخليص ولائه، وتمحيص صفائه، منّا ما يزال عهده الأنيق في نهائه، وعقده الوثيق في ازدياده ونمائه، وغصنه الوريق في رونق غلوائه، ولئن كانت المولاة الوالدة قدّس الله روحها، وبرّد ضريحها، قد وافت بما قدّمت عند الله من صالح