للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمل، وماتت على ما أبرمته في قصد البيت الشريف في نيّة وأمل، إذ كانت رحمة الله تعالى عليها قد تأهّبت لذلك، واعتدّت لسلوك تلك المسالك، وأداء ما فرض الله من السّعاية والمناسك، وعلى الله إجزال ثوابها، وعنده نحتسب ما ألمّ فآلم من مصابها- فإنّ لدينا ممّن يمتّ بحرمة المحرم إلينا، ويلزم بحقّ التربية علينا، من يقوم عندنا مقامها، ويروم من ذلك المقصد الشريف مرامها، وسنوردها إن شاء الله تعالى على تلكم البقاع، ونوردها من تلكم الأقطار والأصقاع، ما يجمل بحسن نظركم مورده ومصدره، ويطّابق في جميل اعتنائكم وحفيل احتفالكم خبره ومخبره، بفضل الله وعونه.

وأما تشوّق ذلكم الإخاء، لمواصلة الكتب بسارّ الأنباء، فإنّ من أقربها عهدا وأعذبها حديثا يهادى ويهدى، ما كان من أمر العاقّ قاتل أبيه، الحالّ من إقليم تلمسان وممالكها بالمحلّ النّبيه، وذلك أنّ أسلافه بني زيّان، كانوا قد استولوا على هذه المملكة في سالف الزّمان، ولم يزل بينهم وبين أسلافي المحتوين على ملك المغرب الأقصى وقائع توردهم الحمام، وتذيقهم الموت الزّؤام، فيدعون المنازعة، ويعودون للموادعة، ثم لم يلبثوا أن ينكثوا، ولم يصبروا أن يغدروا، إلى أن كان من حصار عمّنا المقدّس المرحوم أبي يعقوب قدّس الله تربته إيّاهم، فأكثر موتهم وكدّر محياهم، وتمادى بهم الحصار تسع سنين، وما كانوا غير شرذمة قليلين، وهنالكم اتصلت بينكما المراسلة، وحصلت الصّداقة والمواصلة، ثم حمّ موته، وتمّ فوته، رحمة الله تؤمّه، ورضوانه يشمله ويعمّه، فنفّس خناقهم، وعاد إلى الإبدار محاقهم، وصرف القائم بعده عنهم الحين، عما كان هو رحمه الله قد طوّعه من بلاد مغراوة «١» وتحين، فاتّسعت عليهم المسالك، وملكوا ما لم يكن فيه لأوائلهم طمع من الممالك. لكنّ هذا الخائن وعمّه كانا ممن أسأرته الفتن، وعمّ

<<  <  ج: ص:  >  >>