الذهب في العام، ضريبة ألزمهم الطاغية أداءها في عقد مصالحته أيّ إلزام، فسمناه تركها وإسقاطها، وألزمناه فيما عقدناه له من السّلم أن يدع اشتراطها، والحمد لله الذي أعزّ بنا دين الإسلام، وأذلّ رقاب عبدة الأصنام، وقد اعتنينا بتحصين حصن هذا الجبل تتميما لها وتكميلا، وابتدأنا من تحصين أسواره وأبراجه بما يغدو على جبينه تاجا وإكليلا. وكنا في هذه المدة التي جرت بها هذه الأحوال، وعرت فيها هذه الأهواء والأهوال، منازلين أخانا الممتنع «بسجلماسة»«١» من بعض بلاد القبلة، ومحاولين من إزاحة ضرّه، والإراحة من شرّه، ما فيه الصلاح والفلاح على التفصيل والجملة، لعثايته في الفساد، ودعايته إلى العناد، ومعاضدته صاحب «تلمسان» ، ومساعدته على البغي والعدوان، فسهّل الله افتتاحها، وعجّل من صنائعه الجميلة منها مباحها، وذلك بعد تسليم جبل الفتح بثلاثة أشهر ونصف، ويسّر الله تعالى في ذلك من بدائع الصنائع ما يقصر عنه كلّ نعت ووصف. وفي خلال تلكم المنازلة، وحال تلكم المحاولة، لاحت للخائن التّلمسانيّ فرصة، جرّع منها غصّة، إذ ظنّ أنّا عنه مشغولون، وفي أمر ما عرض من سجلماسة وجبل الفتح معتملون، فخرج من بلده على حين غفلة بالعزيمة والجدّ، إلى حصن ماوربرت «٢» الذي هو بين بلاده وبلادنا كالحدّ، فوجد هنالك ولدنا الأسعد تاشفين، في ثلّة من بني مرين، آساد العرين، فلما نذروا به ثاروا إليه مسرعين، فنكص على عقبه ولم ير له جنّة أوقى من هربه، وعاد لذلك ثانية، فلم تكن عساكرنا عن طرده وانية، بل ردّته في الحافرة، وأنشدته بلسان حالها الساخرة (سريع) .