وألزم أمّة الإسلام، حجّ بيته الحرام، من استطاع إليه سبيلا، وجعل تعظيم شعائره من تقوى القلوب، ومثابات محطّ الأوزار والذّنوب، فما أجزل نعمته منيلا، وأجمل رحمة ربّه مقيلا، والصلاة والسّلام على سيدنا ومولانا محمد المصطفى من أفضل العرب فصيلة، في أكمل بقاع الأرض فضيلة، وأكرمها جملة وتفصيلا، المجتبى لختم الرسالة، وحسم أدواء الضّلالة، فأحسب الله به النبوّة تتميما والرسالة تكميلا، المخصوص بالحوض المورود، والمقام المحمود، يوم يقول الظالم يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا
«١» المبوّإ من دار هجرته، ومقرّ نصرته، محلّا ما بين بيته ومنبره فيه روضة من رياض الجنّة لم يزل بها نزيلا، والرضا عن آله الأبرار، وأصحابه الأخيار، الذين فضّلتهم سابقة السعادة تفضيلا، وأهّلتهم العناية [بأمر الدّين إلى أن يوسعوا الأحكام برهانا ودليلا، فإنا نحيط علم]«٢» الإخاء الأعزّ ما كان من عزم مولاتنا الوالدة قدّس الله روحها، ونوّر ضريحها، على أداء فريضة الحجّ الواجبة، وتوفية مناسكه اللازبة، فاعترض الحمام، دون ذلك المرام، وعاق القدر، عن بلوغ ذلك الوطر، فطوي كتابها، وعجّل إلى مقرّ الرحمة بفضل الله مآبها، وعلى الله أجرها، وعنده يحتسب ذخرها، وإنّ لدينا من نوجب إعظامها، ونقيمها بحكم البرّ مقامها، وعزمها إلى ما أمّلته مصروف، وأملها إلى ما كانت أمّته موقوف، وهي محلّ والدتنا المكرّمة، المبرورة الأثيرة، الموقّرة، المبجّلة، المفضّلة، المعزّزة، المعزّرة، المعظّمة، المطهّرة، أسنى الله مكانتها، وسنّى من هذا القصد الشريف لبانتها، وقد شيّعناها إلى حجّ بيت الله الحرام، والمثول بحول الله تعالى ما بين زمزم والمقام، والفوز من السّلام، على ضريح الرسالة، ومثابة الجلالة، بنيل السّول والمرام، لتظفر بأملها المرغوب، وتنفر بعد أداء فرضها لأكرم الوجوب.