وحين شخص لذلكم الغرض الكريم، موكبها، وخلص إلى قصد الحرم العظيم، مذهبها، والكرامة تلحفها، والسلامة إن شاء الله تكنفها، أصحبناها من حور دولتنا وأحظيائها، ووجوه دعوتنا العليّة وأوليائها، من اخترناه لهذه الوجهة الحميدة الأثر، والرّحلة السعيدة الورد إن شاء الله تعالى والصّدر، من أعيان بني مرين أعزّهم الله تعالى والعرب، وأولاد المشايخ أولي الديانة والتقوى المالئين دلاء القرب، إلى عقد الكرب، وكلّ من له أثرة مشهورة، وشهرة بالمزايا الراجحة والسّجايا الصالحة مأثورة، وقصدهم من أداء فرض الحجّ قصدها، ووردهم إن شاء الله تعالى من منهل بركاته الجمّة وردها، وهكذا سيّرنا من تحف هذه البلاد إليكم ما تيسّر في الوقت تسييره، وإن تعذّر في كثير مما قصدناه ولهذا الغرض أردناه تيسيره، لطول المغيب عن الحضرة، والشّغل بتمهيد البلاد التي فتحها الله علينا في هذه السّفرة، وعيّنّا لإيرادها لديكم، وإيفادها عليكم، أبا إسحاق ابن الشيخ أبي زكريّا يحيى بن عثمان السّويدي، وأمير الركب الحسن بن عمران وغيرهم، كتب الله سلامتهم، ويمّن ظعنهم وإقامتهم. ومقام ذلك الإخاء الكريم يسنّي لهم من اليسرى والتسهيل القصد والسّول، ويأمر نوّاب ماله من الممالك، وقوّام ما بها من المسالك، لتكمل العناية بهم في الممرّ والقفول. ومعظم قصدنا من هذه الوجهة المباركة إيصال المصحف العزيز الذي خططناه بيدنا، وجعلناه ذخيرة يومنا لغدنا، إلى مسجد سيدنا ومولانا، وعصمة ديننا ودنيانا، محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بطيبة «١» زادها الله تشريفا، وأبقى على الأيام فخرها منيفا، رغبة في الثواب، وحرصا على الفوز بحظّ من أجر التلاوة فيه يوم المآب.
وقد عيّنّا بيد محلّ الوالدة المذكورة فيه، كرّم الله جبهتها، ويمّن وجهتها،